غير موقن بالآخرة؛ فإن الله يطعمه في الدنيا طعمة تكون عوض إحسانه ذلك. وأما المؤمن فإنه يجمع له بين الدنيا والآخرة إلا أنه يقدم له سبحانه ما يعده في الآخرة لأنه أشرف العناوين وأكرم الخزائن، فكان هو المقدم، ثم قوله بعد ذلك: (ويعقبه رزقًا في الدنيا) وذلك يدل على مدح الرزق، وأما ما يتعلق بالكافر فإنه جعله طعمة له لأن الكافر لم ينشأ ما نشأ منه إلا على فرع من فوق الأرض. فأما المؤمن فإنه نشأ منه إحسانه في الدنيا عن نظره إل الآخرة فقدم إعداد الله تعالى له ما أعد في الآخرة ثم بما رزقه في الدنيا ليكون هذا الخير الذي له في الدنيا ناشئًا من تلك الجهة، فلا يكون عليه عقوبة لأن عطاء الآخرة كله هني العاقبة.

* وفي هذا الحديث ما يدل على أن المؤمن يعطى على نية الآخرة الدنيا والآخرة كما قال الله عز وجل: {أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا} يعني في الدنيا والآخرة، وقال سبحانه وتعالى: {من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والآخرة}، وقال تعالى: {وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين}، وقال تعالى: {وكذلك مكنا ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء}، فعد نعمته على يوسف من نصره له وتمكينه ثم قال بعد ذلك: {ولأجر الآخرة خير} أي ثواب دار الآخرة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015