- 51 -
الحديث السابع:
[عن أبي موسى الأشعري قال: قال لي عبد الله بن عمر، هل تدري ما قال أبي لأبيك؟ قال: قلت: لا، قال: قال أبي لأبيك: يا أبا موسى، هل يسرك أن إسلامنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهجرتنا معه، وجهادنا معه، وعملنا كله معه، (49/ أ) برد لنا، وأن كل عمل عملناه بعده نجونا منه كفافا؛ رأسا برأس؟ فقال أبوك لأبي: لا والله، قد جاهدنا بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وصلينا وصمنا، وعملنا خيرا كثيرا، وأسلم على أيدينا بشر كثير، وإنا لنرجو ذلك. قال أبي: لكني والذي نفس عمر بيده، لوددت أن ذلك برد لنا، وأن كل شيء عملناه بعده نجونا منه كفافا رأسا برأس. فقلت: إن أباك والله خير من أبي].
* في هذا الحديث من الفقه أن المؤمن كلما قلت ذنوبه ازداد خوفه، وكلما غزر عقله استبد قلقه، وما ذكره أبو موسى من اعتداده بحجه وجهاده فإنه إيمان بكون ذلك كله حسنات، إلا أن الذي نظر رضي الله عنه من أنه انتهت ودادته إلى أن يبرد له عمله، أي يثبت عمله مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويهدر الباقي، يدل على أنه قد خاف أن يكون ما أتى به بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بعض ما فعله بالاجتهاد أو غير ذلك مزلزلا لعمله الأول مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذا إذا كان يقوله عمر وهو المعروف الخلال في زهده في الدنيا، وعدله في المسلمين، وفتحه الفتوح، وإنصافه في القسمة بين الغانمين، وجده في أمر الله، فكيف بنا وأمثالنا إذا اتبعنا النفوس أهواءها وتمنينا على الله سبحانه، نسأل الله أن يوفقنا لما يرضاه من القول والعمل، وأن يحمينا من الغرور، إنه ولي الإجابة.