* في هذا الحديث ما يدل على حلم النبي - صلى الله عليه وسلم - وتعليمه السؤدد من أراده، وأنه صبر على سوء أدب هذا الأعرابي ونحوه، ولم يجازه - صلى الله عليه وسلم - إلا بأن ضحك؛ وإنما ضحك سرورا بحلمه من جهل الأعرابي، وتوفيق الله إياه - صلى الله عليه وسلم - لذلك، ولأن الأعرابي كان طالب رفد والكريم لا يجازي الخشن القول في الطلب بمثله؛ فيكون دالا على أنه قد كان منتظرًا ذلة السائل فيحتج بها في دفعه، فإذا صبر على خشونة السائل كان ذلك كرمًا فوق الكرم.

* ولأنه أيضًا يخلص فيه البذل لله عز وجل، فإنه لو لطف له السائل وتملقه فأعطاه صار العطاء مشوبًا بحظ النفس، ولم يتم الخلوص لله عز وجل كما يتم وإعطاء مثل هذا المسيء أدبه، ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: (أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح)، ولعله تبسم لما رأى من أمارة الإخلاص في العطاء، وإن كان - صلى الله عليه وسلم - لا يفعل إلا بالإخلاص لكنه قدوة لغيره فيكون سروره كيف وقع في أفعاله ما يكون مقتدى لغيره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015