البر كان معيار ذل: إخراجه ما يحب لقوله الله تعالى: {لن تنالوا البر} فذكر البر (بالألف واللام) المستغرق للجنس أو المعهود، وهذا من جوده فلو أنه عز وجل قال: (لن تنالوا برًا حتى تنفقوا كل ما يحبون، ولكن لما قال سبحانه: {لن تنالوا (146/ ب) البر}، بان أنه أراد البر المعهود، والمستغرق للجنس حتى ينفقوا مما يحبون، أي شيئًا مما يحبون يعني شيئًا ما، تخفيفًا وتيسيرًا من الجهتين.
وإنما كان لهذا الإنفاق مزية لأن المنفق آثر الله تعالى فيه على هواه، وأبو طلحة وإخراجه بئر (حاء) في سبيل الله فإنه أنفقها نفقة دارة، ورد تعيين مصرفها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فاختار له - صلى الله عليه وسلم - أحسن المصارف لأنه - صلى الله عليه وسلم - أراد أن يجمع له بين الصلة والصدقة، فقال: (اجعلها في الأقارب) ليكون متصدقًا وواصلًا رحمه.
* وقوله: (فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدخلها ويشرب من ماء فيها) يدل على جواز دخول الإنسان بستان الصديق وإن لم يأذن.