القرآن نزل: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}؛ فيستعيذ من أن يغير ما بنفسه لئلا يزيل الله عز وجل ما أنعم به عليه.
*وقوله: (وتحول عافيتك): أي أنك قد عودتني منك العافية، فلا تحولني إلى البلاء، ويكون في ضمن هذا أن من العافية التي يعافي الله بها عبده أن يسامحه ويساهله ولا يناقشه؛ وقد عود الله عبده ذلك فإذا أمر وقت عبده في عافية منه؛ فإنما ذلك عن مساهلة الله وسماحته لا عن براءة العبد وسلامته، فإذا استعاذ العبد من أن يحول عنه ما عوده إياه من هذه العافية؛ فقد احتظى بحظار من فضله عن سخطه.
*وقوله: (وفجاءة نقمتك): أن النقمة إذا جاءت فجأة بغتة لم يكن هناك زمان يستدرك فيه، ولا وقت لإعتاب.
*وأما قوله: (وجميع سخطك): ففي ذلك أنه لما كان في تعديد مساخط الله سبحانه نوع ترويع تستجدي له قلوب المؤمنين لإعتاب أجمل - صلى الله عليه وسلم - ذلك، وعدل عن تفصيله إلى قوله عليه السلا: (وجميع سخطك).
*ثم من حسن الترتيب، وبديع التصريف أن بدأ في الاستعاذة من تحول العافية؛ لأنه من لطف الله تعالى به إدامة العافية عليه، وقد حرس خصاله من الالتفات ثم اتبع ذلك بالتعوذ من فجاءة النقمة، وهي أن يفجأ بالنقمة من قبل منذرات تنذر ومؤذنات تؤذن وتشعر، فتسبق الاستغفار وتعجل عن الاعتاب؛ ثم اتبع ذلك بالتعميم من الاستعاذة من جميع سخطه أعاذنا الله سبحانه من ذلك وإياكم.
-1505 -
الحديث العشرون:
[عن ابن عمر، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (يا معشر النساء، تصدقن وأكثرن من