فكما علمت أخي الكريم لم يقف هذا الإيذاء عند حد معين، ولا على شخص معين، بل فاق كل الحدود ونال من كل شخص نطق بكلمة التوحيد {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (8)} [البروج: 8].

وإليك أخي الكريم بعض الصور لما لاقاه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه رضوان الله عليهم أجمعين:

عَنْ عبد الله بن مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي عِنْدَ الْبَيتِ وَأبو جَهْلٍ وَأَصْحَابٌ لَهُ جُلُوسٌ، وَقَدْ نُحِرَتْ جَزُورٌ بِالْأَمْسِ، فَقَالَ أبو جَهْلٍ: أَيُّكُمْ يَقُومُ إلى سَلَا جَزُورِ بني فُلَانٍ فَيَأْخُذُهُ، فَيَضَعُهُ في كَتِفَيْ مُحَمَّدٍ إِذَا سَجَدَ؟ فَانْبَعَثَ أَشْقَى الْقَوْمِ (?) فَأَخَذَهُ، فَلَمَّا سَجَدَ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - وَضَعَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، قَالَ: فَاسْتَضْحَكُوا وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَمِيلُ عَلَى بَعْضٍ، وَأَنَا قَائِمٌ أَنْظُرُ، لَوْ كَانَتْ لِي مَنَعَةٌ طَرَحْتُهُ عَنْ ظَهْرِ النبي - صلى الله عليه وسلم -، وَالنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - سَاجِدٌ مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ، حَتَّى انْطَلَقَ إِنْسَانٌ فَأَخْبَرَ فَاطِمَةَ، فَجَاءَتْ وَهِيَ جُوَيْرِيَةٌ (?) فَطَرَحَتْهُ عَنْهُ، ثُمَّ أَقْبَلَتْ عَلَيْهِمْ تَشْتِمُهُمْ، فَلَمَّا قَضَى النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - صَلَاتَهُ رَفَعَ صَوْتَهُ ثُمَّ دَعَا عَلَيهِمْ، وَكَانَ إِذَا دَعَا دَعَا ثَلَاثًا، وإِذَا سَأَلَ سَأَلَ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: "اللهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ" ثَلَاثَ مَرَاتٍ، فَلَمَّا سَمِعُوا صَوْتَهُ ذَهَبَ عَنْهُمْ الضِّحْكُ، وَخَافُوا دَعْوَتَهُ، ثُمَّ قَالَ: "اللهُمَّ عَلَيْكَ بِأبي جَهْلِ بن هِشَامٍ، وَعُتْبَةَ بن رَبِيعَةَ وَشَيْبَةَ بن رَبِيعَةَ وَالْوَلِيدِ بن عُقْبَةَ, وَأُمَيَّةَ بن خَلَفٍ، وَعُقْبَةَ بن أبي مُعَيْطٍ" وَذَكَرَ السَّابعَ وَلَمْ أَحْفَظْهُ، فَوَالَّذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - بِالْحَقِّ لَقَدْ رَأَيْتُ الَّذِينَ سَمَّى صَرْعَى يَوْمَ بَدْرٍ، ثُمَّ سُحِبُوا إلى الْقَلِيبِ قَلِيبِ بَدْرٍ. قَالَ أبو إِسْحَقَ: الْوَلِيدُ بن عُقْبَةَ غَلَطٌ في هَذَا الْحَدِيثِ (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015