ليس لنا، وكانت لا تزال بيننا وبينهم شرور، فإذا نلنا منهم بعض ما يكرهون قالوا لنا: إنه قد تقارب زمان نبي يبعث الآن، نقتلكم معه قتل عاد وإرم، فكنا كثيرًا ما نسمع ذلك منهم.
فلما بعث الله رسول الله -صلى الله عليه وسلم - أجبناه حين دعانا إلى الله، وعرفنا ما كانوا يتوعدوننا به، فبادرناهم إليه، فآمنا به وكفروا به، ففينا وفيهم نزلت هذه الآية: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ (89)} [البقرة: 89] (?).
وروى عن عاصم بن عمر بن قتادة أيضًا عن شيخ من بني قريظة قال لي: هل تدري عمَّ كان إسلام ثعلبة بن سعية، وأسيد بن سعيد، وأسد بن عبيد؟ - نفر من بني هدل إخوة بني قريظة؛ كانوا معهم في جاهليتهم، ثم كانوا سادتهم في الإِسلام- قال: قلت: لا والله. قال: فإن رجلاً من اليهود من أرض الشام يقال له ابن الهيِّبان قدم علينا قبل الإِسلام بسنين، فحلَّ بين أظهرنا، لا والله, ما رأينا رجلاً قط لا يصلي الخمس أفضل منه، فأقام عندنا، فكنا إذا قحط عنا المطر قلنا له: اخرج يا ابن الهيبان فاستسق لنا. قيقول: لا والله حتى تقدموا بين يدي مخرجكم صدقة. فنقول: كم؟ فيقول: صاعًا من تمر، أو مدين من شعير. قال: فنخرجها، ثم يخرج بنا إلى ظاهر حرتنا فيستقي لنا، فوالله ما يبرح مجلسه حتى يمر السحاب ويسقي. قد فعل ذلك غير مرة ولا مرتين ولا ثلاث.
قال: ثم حضرته الوفاة عندنا، فلما عرف أنه ميت قال: يا معشر يهود! ما ترونه أخرجني من أرض الخمر والخمير إلى أرض البؤس والجوع؟ قال: قلنا: أنت أعلم.