وَرَائِي مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - وَلَا غُبَارِهِمْ شَيئًا حَتَّى يَعْدِلُوا قَبلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ إلى شِعْبٍ فِيهِ مَاءٌ، يُقَالُ لَهُ: ذَو قَرَدٍ لِيَشْرَبُوا مِنْهُ وَهُمْ عِطَاشٌ، قَالَ: فَنَظَرُوا إِلَيَّ أَعْدُو وَرَاءَهُمْ فَخَلَّيْتُهُمْ عَنْهُ - يَعْنِي: أَجْلَيْتُهُمْ عَنْهُ - فَمَا ذَاقُوا مِنْهُ قَطْرَةً، قَالَ: وَيَخْرُجُونَ فَيَشْتَدُّونَ في ثَنِيَّةٍ (?)، قَالَ: فَأَعْدُو فَأَلْحَقُ رَجُلًا مِنْهُمْ فَأَصُكُّهُ بِسَهْمٍ في نُغْضِ كَتِفِهِ، قَالَ: قُلْتُ: خُذْهَا
أَنَا ابْنُ الْأَكْوَعِ ... وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ
قَالَ: يَا ثَكِلَتْهُ أُمُّهُ أَكْوَعُهُ بُكْرَةَ (?)، قَالَ: قُلْتُ: نَعَم يَا عَدُوَّ نَفْسِهِ أَكْوَعُكَ بُكْرَةَ، قَالَ: وَأَرْدَوْا (?) فَرَسَيْنِ عَلَى ثَنِيَّةٍ، قَالَ: فَجِئْتُ بِهِمَا أَسُوقُهُمَا إلى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: وَلَحِقَنِي عَامِرٌ بِسَطِيحَةٍ فِيهَا مَذْقَةٌ مِنْ لَبَنٍ وَسَطِيحَةٍ فِيهَا مَاءٌ (?)، فَتَوَضَّأْتُ وَشَرِبْت، ثُمَّ أَتَيْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ عَلَى الْمَاءِ الَّذِي حَلَّأْتُهُمْ عَنْهُ فَإِذَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أَخَذَ تِلْكَ الْإِبِلَ وَكُلَّ شَيءٍ اسْتَنْقَذْتُ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَكُلَّ رُمْحٍ وَبُرْدَةٍ وَإِذَا بِلَالٌ نَحَرَ نَاقَةً مِنْ الْإِبِلِ الَّذِي اسْتَنْقَذْتُ مِنْ الْقَوْمِ، وَإِذَا هُوَ يَشْوِي لِرَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - مِنْ كَبِدِهَا وَسَنَامِهَا، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله خَلِّنِي، فَأَنْتَخِبُ مِنْ الْقَوْمِ مِائَةَ رَجُلٍ فَأَتَّبعُ الْقَوْمَ فَلَا يَبْقَى مِنْهُمْ مُخْبِرٌ إِلَّا قَتَلْتُهُ (?)، قَالَ: فَضَحِكَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ في ضَوْءِ النَّارِ، فَقَالَ: "يَا سَلَمَةُ أَتُرَاكَ كُنْتَ فَاعِلًا"، قُلْتُ: نَعَمْ وَالَّذِي أَكْرَمَكَ، فَقَالَ: "إِنَّهُمْ الْآنَ لَيُقْرَوْنَ في أَرْضِ غَطَفَانَ"، قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ غَطَفَانَ، فَقَالَ: نَحَرَ لَهُمْ فُلَانٌ جَزُورًا، فَلَمَّا كَشَفُوا