وفي ذلك يقول الله تعالى: {وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ} أي: عاونوا الأحزاب وساعدوهم على حرب المسلمين، {مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ} أي: من حصونهم، {وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا (26) وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا (27)} [الأحزاب: 26، 27].
عَنْ عائِشَةَ - رضي الله عنها - قالَتْ: لَمْ تُقْتَلْ مِنْ نِسائِهِمْ -تَعْنِي بني قُرَيْظَةَ- إِلّا امْرَأَةٌ، إِنَّها لَعِنْدِي تُحَدِّثُ: تَضْحَكُ ظَهْرًا وَبَطْنًا، وَرَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقْتُلُ رِجالَهُمْ بِالسُّيُوفِ، إِذْ هَتَفَ هاتِفٌ بِاسْمِها: أَيْنَ فُلانَةُ؟ قالَتْ: أَنا، قُلْتُ: وَما شَأْنُكِ؟ قالَتْ: حَدَثٌ أَحْدَثْتُهُ، قالَتْ: فانْطَلَقَ بِها، فَضُرِبَتْ عُنُقُها، فَما أَنْسَى عَجَبًا مِنْها: أَنَّها تَضْحَكُ ظَهْرًا وَبَطْنًا وَقَدْ عَلِمَتْ أَنَّها تُقْتَلُ (?).
وهي التي طرحت الرَّحى على خلاد بن سويد فقتلته (?).
فكان هذا آخر عهد لليهود بالمدينة، وآخرهم بني قريظة الذين نالوا جزاء خيانتهم العظمى، ونقضهم العهد الذي كان بينهم وبين النبي -صلى الله عليه وسلم-، وصدق الله تعالى إذ يقول: {أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ} [البقرة: 100].
ثم أسلم بعض بني قريظة وآمنوا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فبقوا بالمدينة.