ابْنَ سُفْيَانَ يَجْمَعُ لِي النَّاسَ لِيَغْزُوَنِي، وَهوَ بنخلة أو بِعُرَنَةَ، فَأْتِهِ فَاقْتُلْهُ" قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله انْعَتْهُ لِي حَتَّى أَعْرِفَهُ، قَالَ: "ذلك إِذَا رَأَيْتَهُ أذكرك الشيطان، وَآية ما بينك وبينه أنك إذا رأيته وَجَدْتَ لَهُ قْشَعْرِيَرَةً"، قَالَ: فَخَرَجْتُ مُتَوَشِّحًا سَيْفِي، حَتَّى دفعْتُ إلَيْهِ وَهُوَ في ظُعُنٍ يَرْتَادُ لَهُنَّ مَنْزِلاً، وَحِينَ كَانَ وَقْتُ الْعَصْرِ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ وَجَدْتُ مَا قال رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مِنْ الْقْشَعْرِيرَةِ، فَأَقْبَلْتُ نَحْوَهُ، وَخَشِيتُ أَنْ يَكُونَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ بمُحَاوَلَة تَشْغَلُنِي عَنْ الصَّلَاةِ، فَصَلَّيْتُ وَأَنَا أَمْشِي نَحْوَهُ، وأُومِئُ بِرَأْسِي، فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إِلَيْهِ، قَالَ: مَنْ الرَّجُلُ؟ قُلْتُ: رَجُلٌ مِنْ الْعَرَبِ سَمِعَ بِكَ وَبِجَمْعِكَ لِهَذَا الرَّجُلِ، فَجَاءَكَ لِذَلك، قَالَ: أَجَلْ، أَنَا لفِي ذَلِكَ، قَالَ: فَمَشَيْتُ مَعَهُ شَيْئًا، حَتَّى إِذَا أَمْكَنَنِي حَمَلْتُ عَلَيْهِ السَّيْفَ حَتَّى فقَتَلْتُهُ، ثُمَّ خَرَجْتُ وَتَرَكْتُ ظَعَائِنَهُ -نساءه- مُنكِبَّاتٍ عَلَيهِ، فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَرَآنِي، قَالَ: "أَفْلَحَ الْوَجْهُ"، قُلْتُ: قد قَتَلْتُهُ يَا رَسُولَ الله، قَالَ: "صَدَقْتَ"، ثُمَّ قَامَ فأدخلني بَيْتِهِ، فَأعْطَانِي عَصًا، فَقَالَ: "أَمْسِكْ هَذِهِ عِنْدَكَ يَا عبد الله بن أُنَيسٍ"، قَالَ: فَخَرَجْتُ بِهَا عَلَى النَّاسِ، فَقَالُوا: مَا هَذِهِ الْعَصَا؟ قُلْتُ: أَعْطَانِيهَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وَأَمَرَنِي أَنْ أَمْسِكَهَا عندي، قَالُوا: أفلَا تَرْجِعُ إلى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَتَسْأَلَهُ لم ذَلِكَ؟ قَالَ: فَرَجَعْتُ إلى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله لِمَ أَعْطَيْتَنِي هَذِهِ الْعَصَا؟ قَالَ: "آيَةٌ بَيْنِي وَبَينَكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِنَّ أَقَلَّ النَّاسِ الْمُتَخَصِّرُونَ يَوْمَئِذٍ" (?).
فَقَرَنَهَا عبد الله بن أنيس بِسَيْفِهِ، فَلَمْ تَزَلْ بسيفه حَتَّى مَاتَ، ثم أَمَرَ بِهَا فَصُبَّتْ في كَفَنِهِ، ثُمَّ دُفِنَا جَمِيعًا (?).