وفي الطريق وتحديدًا وهم بِحَرَّةِ الْوَبَرَةِ (?) أَدْرَكَهُ رَجُلٌ قَدْ كانَ يُذْكَرُ مِنْهُ جُزأَةٌ وَنَجْدَةٌ فَفَرِحَ أَصْحابُ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - حِينَ رَأَوْهُ فَلَمّا أَدرَكَهُ قالَ لِرَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: جِئْتُ لِأَتَّبِعَكَ وَأُصِيبَ مَعَكَ، قالَ لَهُ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "تُؤْمِنُ بِاللهِ وَرَسُولِهِ"، قالَ: لا، قالَ: "فارْجِعْ فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ"، ثُمَّ مَضَى حَتَّى إِذا كان بِالشَّجَرَةِ أَدْرَكَهُ الرَّجُلُ، فَقالَ للنبي-صلى الله عليه وسلم-: كَما قالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ، فَقالَ لَهُ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - كَما قالَ أَوَّلَ مَرَّة، قالَ: "فارْجِعْ فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ"، ثُمَّ رَجَعَ الرجل مرة أخرى وهم بِالْبَيْداءِ، فَقالَ لَهُ النبي -صلى الله عليه وسلم- كَما قالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ: "تُؤْمِنُ بِاللهِ وَرَسُولِهِ"، قالَ الرجل: نَعَم، فَقالَ لَهُ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "فانْطَلِقْ" (?).
وفي الطريق أيضًا ردَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- البراء بن عازب وابن عمر لصغرهما (?).
وعلى الجانب الآخر فإن كفار قريش كادوا أن يرجعوا بلا قتال حيث تذكروا الذي كان بينهم وبين بني بكر من خصومة وخافوا أن يأتوهم من خلفهم فيُعينون عليهم جيش المسلمين، وبينما هم على ذلك إذ جاءهم إبليس في صورة سراقة بن مالك -وكان من أشراف بني كنانة- فقال لهم: أنا لكم جار من أن تأتيكم كنانة من خلفكم بشيء تكرهونه فخرجوا (?).
وفي ذلك يقول الله تعالى: {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ