نَفْسِي بخِلَافِكُمْ إِيَّايَ، قَالَ: فَخَرَجْنَا نَسْأَلُ عَنْ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَلَقِيَنَا رَجُلٌ بالأبطح، فقلنا: هل تدلنا على محمَّد؟ قَالَ: وهَلْ تَعْرِفَانِهِ إن رأيتماه؟ قُلْنَا: لَا والله، قَالَ: فَهَلْ تَعْرِفَانِ الْعَبَّاسَ؟ فقُلْنَا: نَعَمْ، وقد كُنَّا نَعْرِفُه، كان يختلف إلينا بالتجارة، فقَالَ: إِذَا دَخَلْتُمَا الْمَسْجِدَ فانظروا الْعَبَّاسِ، قَالَ: فهو الرجل الذي معه، قال: فَدَخَلْنَا الْمَسْجِدَ، فَإِذَا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والْعَبَّاسُ ناحية المسجد جالسين، فَسَلَّمْنَا، ثُمَّ جَلَسْنَا، فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "هَلْ تَعْرِفُ هَذَيْنِ الرَّجُلَينِ يَا أَبَا الْفَضْلِ؟ " قَالَ: نَعَمْ، هَذَا الْبَرَاءُ بن مَعْرُورٍ سَيِّدُ قَوْمِهِ وَهَذَا كَعْبُ بن مَالِكٍ، فَوَاللهِ مَا أَنْسَى قَوْلَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: "الشَّاعِرُ؟ " قَالَ: نَعَمْ، قَالَ له الْبَرَاءُ: يَا رسول الله إِنِّي قد رأيت في سَفَرِي هَذَا رأيًا، وقد أحببت أن أسألك عنه قال: "وما ذاك؟ " قال: رَأَيْتُ أَلَا أَجْعَلَ هَذِهِ الْبَنِيَّةَ مِنِّي بِظَهْرٍ فَصَلَّيتُ إِلَيْهَا، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: "قَدْ كُنْتَ عَلَى قِبْلَةٍ لَوْ صَبَرْتَ عَلَيْهَا"، فَرَجَعَ إلى قِبْلَةِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وصَلَّى مَعَنَا إلى الشَّامِ. ثم وَاعَدْنَا رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - الْعَقَبَةَ، أَوْسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، ونحن سبعون رجلاً للبيعة، وَمَعَنَا عبد الله بن عَمْرِو بن حَرَامٍ والد جَابِرٍ، وإنه لعلى شركه، فأخذنِاه وَقُلْنَا: يَا أَبَا جَابِرٍ والله إنا لنرغب بك أن تموت على ما أنت عليه فتَكُونَ لهذه النَّارِ غَدًا حطبًا، وإن الله قد بعث رَسُولًا يأمر بتوحيده وعبادته وقد أَسْلَمَ رجلاً من قومك، وقد واعدنا رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - للبيعة فأسم وطهر ثيابه، وحضرها معنا فكان نقيبًا، فلما كانت الليلة التي واعدنا فيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم - بمنى أول الليل مع قومنا، فلما استثقل الناس من النوم تسللنا من فرشنا تسلل القطا، حتى اجْتَمَعْنَا بالعقبة، فأتى رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وعَمُّهُ الْعَبَّاسُ، ليس معه غيره، أَحَبَّ أَنْ يَحْضُرَ أَمْرَ ابْنِ أَخِيهِ، فكان أَوَّلَ مُتَكَلِّمٍ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْخَزْرَجِ إِنَّ مُحَمَّدًا مِنَّا حَيْثُ قَدْ عَلِمْتُمْ، وَهُوَ في مَنَعَةٍ من قومه وبلاده، قد منعناه ممن هو على مثل رأينا منه، وقد أبى إلا الانقطاع إليكم، وإلى ما دعوتموه إليه، فإن كنتم ترون أنكم وافون له بما وعدتموه، فأنتم وما تحملتم، وإن كنتم تخشون من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015