فهذه الزيارة الشرعية للقبور تذكر الموت والآخرة والدعاء للميت. قال شيخ الإسلام ابن تيمية " فقد أذن النبي صلى الله عليه وسلم في زيارتها بعد النهي وعلل ذلك بأنها تذكر الموت والدار الآخرة وأذن إذناً عاماً في زيارة قبر المسلم والكافر؛ والسبب الذي ورد عليه هذا اللفظ يوجب دخول الكافر، والعلة وهي تذكر الموت والآخرة موجود في ذلك كله. وقد كان صلى الله عليه وسلم يأتي قبور أهل البقيع والشهداء للدعاء لهم والاستغفار، فهذا المعنى يختص بالمسلمين دون الكافرين، فهذه الزيارة وهي زيارة القبور لتذكر الآخرة، أو لتحيتهم والدعاء لهم، هو الذي جاءت به السنة " 1.
وهذه الزيارة الشرعية التي سنها النبي صلى الله عليه وسلم لابد لها من شرطين:
الأول: أن تكون الزيارة بدون شد رحل. لما جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مسجدي هذا والمسجد الحرام والمسجد الأقصى" 2.
وجه الدلالة: أن هذا النهي يعم السفر إلى المساجد والمشاهد، وكل مكان يقصد السفر إلى عينه للتقرب، فإذا كان السفر إلى بيت من بيوت الله غير الثلاثة لا يجوز مع أن قصده لأهل مصره يجب تارة، ويستحب أخرى. وقد جاء في قصد المساجد من الفضل ما لا يحصى فالسفر إذاً إلى مجرد القبور أولى بالمنع " 3.