وزراء الدولة لا يقدمون ولا يؤخرون في شئ إلا بعد عرضه عليه. وغلب على المأمون حتى لم يتقدمه عنده أحد. وكان مع تقدمه في الفقه وأدب القضاء، حسن العشرة، حلو الحديث، استولى على قلب المأمون حتى أمر بأن لا يحجب عنه ليلا ولا نهارا. وله غزوات وغارات، منها أن المأمون وجّهه (سنة 216) إلى بعض جهات الروم، فعاد ظافرا. ولما مات المأمون وولي المعتصم، عزله عن القضاء، فلزم بيته. وآل الأمر إلى المتوكل فرده إلى عمله. ثم عزله سنة 240 هـ وأخذ أمواله، فأقام قليلا، وعزم على المجاورة بمكة، فرحل إليها، فبلغه أن المتوكل صفا عليه، فانقلب راجعا، فلما كان بالربذة (من قرى المدينة) مرض وتوفي فيها. قال ابن خلكان: وكانت كتب يحيى في الفقه أجل كتب، فتركها الناس لطولها، وله كتب في " الأصول " وكتاب أورده على العراقيين سماه " التنبيه " وبينه وبين داود بن علي مناظرات. وكان يتهم بأمور شاعت عنه وتناقلها الناس في أيامه وتداولها الشعراء، فذكر شئ منها للإمام أحمد بن حنبل، فقال: سبحان الله! من يقول هذا؟ وأنكر ذلك إنكارا شديدا، وأشار إلى حسد الناس له. وأخباره كثيرة (?) .