وَإِذا ذهبتم إِلَى أَن النَّار صَادِقَة لَا يتخوف عَلَيْهَا الْكَذِب وَأَن الْمَسِيح يتخوف عَلَيْهِ الْكَذِب فَإِن مُوسَى قد أوجز فِي النَّار وَالْكَلَام وَإِنَّمَا قطع الشَّك بِالْيَقِينِ بِآيَة الْعَصَا وَالْيَد الَّذِي أدخلها فِي جيبه وَكَذَلِكَ قطع الْمُؤْمِنُونَ بربوبية الْمَسِيح شكهم بِإِقْرَار الْمَوْتَى عِنْد إحيائه لَهُم بربوبيته وَإِن ذهبتم إِلَى أَن خلق النَّار فِي ذَاتهَا أشرف فَإِن كل مَخْلُوق فِي الدُّنْيَا هُوَ مَنَافِع لولد آدم مسخرة لَهُم وَكفى بقولكم فِي قرآنكم إِن الله أَمر الْمَلَائِكَة بِالسُّجُود لآدَم وَأَن ابليس مسخوط عَلَيْهِ فِي الْأَبَد لابائه السُّجُود لَهُ وَقَوله {أَنا خير مِنْهُ خلقتني من نَار وخلقته من طين}
فَإِن قُلْتُمْ كَذبْتُمْ على الْمَسِيح لِأَنَّهُ لم يدع مِمَّا قُلْتُمْ شَيْئا قُلْنَا إِنَّمَا أنكرتم علينا القَوْل بِمَا وجدنَا فِي كتَابنَا نَحن لَا نستدل بِمثل هَذَا فِي الْأَبَد فاضررناكم من كتابكُمْ إِلَى القَوْل بِمثلِهِ فَلَمَّا أَبينَا قُلْتُمْ كَذبْتُمْ على الْمَسِيح فَلم تكذبونا وَكِتَابنَا على القَوْل بِمثل قَوْلكُم فِي وَاسِطَة مُوسَى وعبادته لَهَا وَأَنْتُم لما أوجبتم أَن الْأمة تحاسب بعملها يَوْم الْقِيَامَة أَن محاسبها يخاطبها يَوْم الْقِيَامَة ويكافئها بأعمالها ثمَّ يَقُول قرآنكم {وَجَاء رَبك وَالْملك صفا صفا}
فَمَا تنكرون أَن يكون الْمَسِيح الَّذِي كَانَ وَاسِطَة للوعظ أَن يكون هَذَا الْمقبل مَعَ الْمَلَائِكَة كَمَا قدمه فِي الْإِنْجِيل حَيْثُ قَالَ يقْعد ابْن الْإِنْسَان يَعْنِي الْحجاب الْمُتَّخذ من نسل آدم فِي مجْلِس عَظمته وَتقدم جَمِيع الْأُمَم بَين يَدَيْهِ ويميزهم كَمَا يُمَيّز الرَّاعِي الْغنم من الْمعز فَيحمل الْمُؤمنِينَ عَن يَمِينه والمجرمين عَن شِمَاله ثمَّ يعاتبهم ويأمن كل طَائِفَة بِمثل مَا قدمُوا فِي دنياهم
وَإِذا أوجبتم أَن الله لَا مفطور وَلَا مدرك بحاسة فقد وَجب أَن المحاسب المسموع مدرك بالحواس مَعَ إقراركم أَن ربكُم قَالَ ترَوْنَ