أحد من المتشرعين فقد لزم هَذَا الْمُنكر لشرعنا من حَيْثُ أَنه شرع فِيهِ الْقِتَال أَن يُنكر مَا يدين بِهِ ويعتقده من شرع مُوسَى بن عمرَان وَيَنْبَغِي لَهُ أَن يسفه فعل يشوع بن نون حَيْثُ أذاق الجبارين أَشد الْقَتْل وَأعظم الْهون ثمَّ أعجب من ذَلِك جهلهم بِمَا فِي كتبهمْ أَو مجاهرتهم بإنكارها
وَذَلِكَ أَنه يَجدونَ فِي كتبهمْ أَوْصَاف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ويجدون فِيهَا أَنه يبْعَث بِالْقَتْلِ وَالسيف ثمَّ يُنكرُونَ ذَلِك ويباهتون فِيهِ وَقد ذكرنَا من ذَلِك مَا فِيهِ كِفَايَة وَمن ذَلِك مَا قد جَاءَ فِي كتاب أشعياء أَنه أخبر عَن هزيمَة الْعَرَب وَقتل اشرافهم فَقَالَ لما ذكر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يدوسون الْأُمَم كدوس البيادر وَينزل الْبلَاء بمشركي الْعَرَب وينهزمون ثمَّ قَالَ وينهزمون بَين يَدي سيوف مسلولة وقسى موتورة من شدَّة الملحمة
وَكَذَلِكَ قَالَ حبقوق تضيء لنوره الأَرْض وستنزع فِي قسيك إغراقا وترتوي السِّهَام بِأَمْرك يَا مُحَمَّد إرتواء وَهَذِه نُصُوص على إسمه وَصفته كَمَا تقدم
وَقد أَشَارَ إنجيلكم إِلَى هَذَا فَإِنَّكُم تَزْعُمُونَ أَن عِيسَى قَالَ لتلاميذه إِنِّي كنت أرسلتكم وَلَيْسَ مَعكُمْ مزود وَلَا خف فَهَل ضركم ذَلِك أَو نقصكم شَيْئا قَالُوا لَا قَالَ أما الْآن فَمن لم يكن لَهُ كيس فليأخذ كيسا ومزود فليشتر مزودا وَمن لم يكن لَهُ سيف فليبع من ثِيَابه وليشتر سَيْفا
فَأَمرهمْ بإشتراء السيوف لِلْقِتَالِ بعد أَن كَانَ نَهَاهُم عَن الْقِتَال لعلمه أَن مُحَمَّدًا يبْعَث بعده بِالسَّيْفِ وَهَذَا كثير بِحَيْثُ لَا يحْتَمل التَّأْوِيل