الْفَصْل على تثبيجه وَسُوء ترتيبه هُوَ أَنَّك قلت إِن الْإِنْسَان لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ فعل حَتَّى يكون قَادِرًا عَالما مرِيدا فَإِن نَقصه مِنْهَا وَاحِد لم يَصح إِيجَاد الْفِعْل مِنْهُ فَكَذَلِك خالقنا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هُوَ قَادر عَالم مُرِيد وَلَو نَقصه مِنْهَا وَاحِد لم يَصح مِنْهُ إِيجَاد فعل كالإنسان هَذَا مَفْهُوم كلامك على كثرته
وَهَذَا كَلَام فَاسد لِأَنَّهُ قِيَاس الْغَائِب على الشَّاهِد إِذْ هُوَ قِيَاس خَال عَن الْجَامِع وَأَيْضًا فَلَو كَانَ هُنَالك جَامع لَكَانَ بَاطِلا فَإِنَّهُ قِيَاس جزئي على جزئى وَذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ صَالح للظنيات لَا للعمليات وَلَو جَازَ قِيَاس الْبَارِي سُبْحَانَهُ على خلقه للَزِمَ أَلا يكون قَادِرًا حَتَّى يكون ذَا آلَة وَعصب وَيَد الْجَارِحَة فَإِن الْوَاحِد منا لَا يكون قَادِرًا حَتَّى يكون كَذَلِك وَكَذَلِكَ كَانَ يلْزم أَلا يكون عَالما حَتَّى يكون ذَا قلب ودماغ إِلَى غير ذَلِك من المحالات ويلزمك على مساق قَوْلك أَن يكون الْبَارِي تعلى جسما فانك كَمَا لم ترى موجدا وَلَا فَاعل لفعل الا قَادِرًا عَالما مرِيدا كَذَلِك لم ترد فَاعِلا وَلَا موجدا إِلَّا جسما وَهَذِه جهالات لَازِمَة على قَوْلك ومنتجة عَن صمم جهلك فَلَا تنْتَفع بِهَذَا الْكَلَام حَتَّى تسبره على محك النظار الْأَعْلَام وَلَو تتبعنا خطاك فِي هَذَا الْفَصْل لطال الْكَلَام ولكثر عَلَيْك التوبيخ والملام لَكنا نكل النَّاظر فِيهِ للوقوف على فَسَاد مَعَانِيه