فَقَالَ لعَلي تحول على فِرَاشِي فَفعل ثمَّ خرج عَلَيْهِم ودر التُّرَاب على رؤوسهم فَلم يروه حَتَّى دخلُوا الْبَيْت فوجدوا عليا على فرَاشه فَقَالُوا لَهُ أَيْن صَاحبك فَقَالَ لَهُم قد خرج عَلَيْكُم وَقد جعل التُّرَاب على رؤوسكم فَمد كل وَاحِد مِنْهُم يَده على رَأسه فَوجدَ التُّرَاب على رَأسه
وَقد قيل أَن فِي هَذِه الْقِصَّة نزل قَوْله تَعَالَى {وَإِذ يمكر بك الَّذين كفرُوا ليثبتوك أَو يَقْتُلُوك أَو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله وَالله خير الماكرين}
وَمن ذَلِك مَا اتّفق لأبي جهل وَذَلِكَ أَنه أَخذ ابل رجل من الْعَرَب وتعدى عَلَيْهِ فِيهَا فَشكى ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمشى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لمنزل أبي جهل وَصَاح بِهِ فَخرج منتقعا لَونه فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رد على هَذَا إبِله فَقَالَ نعم ثمَّ دخل مرّة أُخْرَى خَائفًا فصاح بِهِ فَخرج فَزعًا متغيرا ذليلا فَفعل ذَلِك ثَلَاثًا ثمَّ خرج فَزعًا ممتقعا لَونه فَانْصَرف الْأَعرَابِي وألان القَوْل للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَامَتْهُ قُرَيْش على ذَلِك فَقَالَ لَهُم إِنَّه عرض لي دونه فَحل من الْإِبِل مَا رَأَيْت مثل هامته وَلَا أنيابه لفحل قطّ وَأَنه هم بِي ليأكني فَبلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ ذَلِك جِبْرِيل وَلَو دنا مِنْهُ لأَخذه
وَكَذَلِكَ أَخذ أَبُو جهل صَخْرَة ليطرحها على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ ساجد وقريش ينظرُونَ فلزقت بِيَدِهِ ويبست يَدَاهُ إِلَى عُنُقه فَرجع الْقَهْقَرِي وَرَآهُ ثمَّ سَأَلَ أَن يَدْعُو لَهُ فَفعل فَانْطَلَقت يَدَاهُ وَكَذَلِكَ تواعد مرّة أُخْرَى مَعَ قُرَيْش لَئِن رأى مُحَمَّدًا يُصَلِّي ليطأن رقبته فَلَمَّا دخل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الصَّلَاة أعلموه فَأقبل نَحوه فَلَمَّا قرب مِنْهُ ولى هَارِبا ناكصا على عَقِبَيْهِ متقيا بيدَيْهِ فَسئلَ عَن ذَلِك فَقَالَ لما دَنَوْت مِنْهُ أشرفت على خَنْدَق مَمْلُوء نَارا كدت أهوي فِيهِ وأبصرت هولا عَظِيما وخفق أَجْنِحَة قد مَلَأت الأَرْض فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام تِلْكَ الْمَلَائِكَة لَو دنى لَاخْتَطَفَتْهُ عضوا عضوا فَأنْزل الله تَعَالَى على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {كلا إِن الْإِنْسَان ليطْغى أَن رَآهُ اسْتغنى} إِلَى أخر السُّورَة