وَمن ذَلِك الحَدِيث الْمَشْهُور عَن عمرَان بن حُصَيْن وَذَلِكَ أَنهم كَانُوا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بعض أَسْفَاره فَأَصَابَهُمْ عَطش شَدِيد فَوجه رجلَيْنِ من أَصْحَابه وأعلمهم أَنهم يَجدونَ امْرَأَة بمَكَان كَذَا لمَكَان معِين عنيه لَهُم مَعهَا بعير عَلَيْهِ مزادتا مَاء فوجداها بالموضع الَّذِي عين لَهُم على الصّفة الَّتِى ذكر لَهُم فجاءا بهَا الى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخذ من مَاء المزادتين وَقَالَ فِيهِ ماشاء الله أَن يَقُول ثمَّ أعَاد المَاء فِي المزادتين ثمَّ فتحهما وَأمر النَّاس فملأوا أسقيتهم حَتَّى لم يدعوا شَيْئا إِلَّا ملأوه قَالَ عمرَان ونحيل لي أَنَّهُمَا لم يزدادا إِلَّا إمتلاء ثمَّ أَمر فَجمع للْمَرْأَة من الأزواد حَتَّى مَلأ ثوبها ثمَّ قَالَ لَهَا اذهبي فانا مَا نقصناك من مائك شَيْئا وَلَكِن الله سقانا
وَمن ذَلِك حَدِيث عمر فِي حيش الْعسرَة وَذكر مَا أَصَابَهُم من الْعَطش حَتَّى أَن الرجل لينحر بعيره فيعصبر فرثه فيشربه فَرغب أَبُو بكر للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الدُّعَاء فَرفع يَدَيْهِ فَلم يرجعهما حَتَّى قَالَت السَّمَاء فانسكبت فملأوا مَا مَعَهم من آنِية وَلم يُجَاوز ذَلِك الْمَطَر الْعَسْكَر
وَمن ذَلِك حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب أَن أَبَا طَالب قَالَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ ردفه بِذِي الْمجَاز عطشت وَلَيْسَ عِنْدِي مَاء فَنزل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَضرب بقدمه الأَرْض فَخرج المَاء فَقَالَ لَهُ اشرب
والْحَدِيث فِي هَذَا النَّوْع كثير وَفِيمَا ذَكرْنَاهُ كِفَايَة وَإِذا تَأمل الْعَاقِل الْمنصف هَذَا الْبَاب علم أَن نَبينَا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُوتى مثل معْجزَة مُوسَى الَّتِي هِيَ نبع المَاء من الْحجر كَمَا ذكرنَا فِي هَذَا النَّوْع الثَّانِي وَزَاد عَلَيْهِ نبع المَاء من بَين أَصَابِعه كَمَا ذَكرْنَاهُ فِي النَّوْع الأول كَانَ إنفجار المَاء من اللَّحْم أعجب من إنفجاره من الْحِجَارَة فَإِن رام الْيَهُودِيّ أَو النَّصْرَانِي تشكيكا فِي شَيْء من معجزات نَبينَا مُحَمَّد عَلَيْهِ السَّلَام أَو إلحادا أَو ادّعى أَن هَذَا من قبيل السحر عارضناه بِمثل مقَالَته فِي معْجزَة مُوسَى فبالذي ينْفَصل بِهِ بِعَيْنِه ننفصل