وَنحن نذْكر بعض ذَلِك على مَا يَقْتَضِيهِ الإقتصار ونقتصر على مَا صَحَّ من الْآثَار وتناقله الْجمع الْكثير من رُوَاة الْأَخْبَار
فَمن ذَلِك مَا استفاض ذكره واشتهر نَقله أَن قُريْشًا لما أَهَمَّهُمْ شَأْن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأكربهم أمره بعثوا النَّضر بن الْحَارِث وَكَانَ من شياطين قُرَيْش وَعقبَة بن أبي معيط إِلَى أَحْبَار يهود بِالْمَدِينَةِ يسألاهم عَن أمره فجاءا الْمَدِينَة من مَكَّة وقالالأحبار الْيَهُود إِنَّا جئناكم نسألكم عَن شَأْن هَذَا الرجل فَإِنَّكُم أهل الْكتاب وعندكم من الْعلم مَا لَيْسَ عندنَا ووصفا لَهُم أمره وَأخْبرهمْ بِبَعْض قَوْله فَقَالَت لَهما أَحْبَار يهود سلوه عَن ثَلَاثَة نأمركم بِهن فَإِن أخبر بِهن فَهُوَ نَبِي مُرْسل وَإِن لم يفعل فالرجل متقول فروا فِيهِ رَأْيكُمْ
سلوه عَن فتية ذَهَبُوا فِي الدَّهْر الأول مَا كَانَ أَمرهم فَإِنَّهُ قد كَانَ لَهُم حَدِيث عَجِيب وَسَلُوهُ عَن رجل طواف فِي الأَرْض قد بلغ مَشَارِق الأَرْض وَمَغَارِبهَا وَمَا كَانَ نبؤه وَسَلُوهُ عَن الرّوح مَا هُوَ فَإِن أخْبركُم بذلك فَاتَّبعُوهُ فَإِنَّهُ نَبِي وَإِن لم يفعل فَهُوَ متقول فَأقبل النَّضر وَعقبَة حَتَّى قدما مَكَّة على قُرَيْش فأعلماهم بِمَا قَالَت لَهُم أَحْبَار يهود فَجَاءُوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلُوهُ عَمَّا أخْبرت أَحْبَار يهود فَأنْزل الله تَعَالَى على نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُورَة أَصْحَاب الْكَهْف وَأخْبرهُ فِيهَا بقصتهم وَاخْتِلَاف النَّاس فِي عَددهمْ وَمُدَّة لبثهم فِي كهفهم حَتَّى أَتَى على آخر قصتهم وَأخْبرهمْ أَيْضا عَن قصَّة ذِي القرنين إِلَى آخرهَا وَعَن قصَّة الْخضر عَلَيْهِ السَّلَام مَعَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَكَيف سَأَلَ مُوسَى السَّبِيل إِلَى لِقَائِه وَذكر فِيهَا جوابهم عَن الرّوح
وَذَلِكَ كُله مَعَ اللَّفْظ الْوَجِيز الفصيح وَالْكَلَام الجزل الصَّحِيح الَّذِي لَا يمله سامع وَلَا يطْمع فِي معارضته طامع
وَمن ذَلِك قصَّة أهل نَجْرَان وَكَانُوا نَصَارَى سَأَلُوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَأنْزل الله تَعَالَى فِي الْقُرْآن {ذَلِك نتلوه عَلَيْك من الْآيَات وَالذكر الْحَكِيم إِن مثل عِيسَى عِنْد الله كَمثل آدم خلقه من تُرَاب ثمَّ قَالَ لَهُ كن فَيكون}