الإستدلال على نبوته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْكتاب الْعَزِيز الَّذِي لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِل من بَين يَدَيْهِ وَلَا من خَلفه تَنْزِيل من حَكِيم حميد
وَلَقَد كَانَ يَنْبَغِي أَن نقدم الإستدلال بِهَذَا النَّوْع لكَونه أعظم المعجزات وأوضحها وأشهرها لَكِن قدمنَا النَّوْع تسكيتا لِلنَّصَارَى وَالْيَهُود وتأسيسا
وَقدمنَا النَّوْع الثَّانِي بِنَاء وتأسيسا
فَنَقُول أَيْضا مُحَمَّد بن عبد الله رَسُول صَادِق فِيمَا يَقُوله عَن الله وَالدَّلِيل على ذَلِك أَنه قد جَاءَ بالمعجزات وكل من جَاءَ بهَا فَهُوَ صَادِق فمحمد إِذن رَسُول من الله صَادِق فَإِن قيل لم قُلْتُمْ أَنه قد جَاءَ بالمعجزات قُلْنَا قد نقل إِلَيْنَا نقلا متواترا بِحَيْثُ لَا يشك فِيهِ أَنه جَاءَ بِالْقُرْآنِ وبمعجزات كَثِيرَة فَإِذن هُوَ صَادِق
ونبدأ الْآن بالْكلَام على الْقُرْآن وَبعد الْفَرَاغ مِنْهُ نشرع فِي الْكَلَام على غَيره من المعجزات إِن شَاءَ الله تَعَالَى
فَإِن أنكر مُنكر أَن يكون جَاءَ بِالْقُرْآنِ فقد تبين عناده وَسقط استرشاده وَيُقَال لَهُ قد حصل بذلك لَك الْأُمَم واستوى فِي ذَلِك الْعَرَب والعجم وسبيلك إِن كنت منصفا أَن تعاشر المتشرعين وتسألهم عَن أَخْبَار الماضين حَتَّى يحصل لَك الْعلم الْيَقِين وَلنْ يُنَازع فِي ذَلِك عَاقل منصف بل إِمَّا معتوه أَو متعسف
فَإِن قيل سلمنَا أَنه جَاءَ بِالْقُرْآنِ قلم قُلْتُمْ أَنه معْجزَة قُلْنَا لِأَنَّهُ قد تحدى بِهِ كَافَّة الفصحاء البلغاء وَمُدَّة مقَامه بَينهم فَلم يقدروا على مُعَارضَة شَيْء مِنْهُ فَإِذن هُوَ معْجزَة بَيَان ذَلِك
أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَعثه الله إِلَى قوم كَانَ مُعظم علمهمْ الْكَلَام الفصيح البليغ الْمليح فَلَقَد خصوا من البلاغة وَالْحكم بِمَا