أَوْصَافه وهيئاته وَهَكَذَا فعل جمَاعَة من عقلاء أهل الْكتاب وَغير وَاحِد من ذَوي الْأَلْبَاب مثل عبد الله بن سَلام والفارسي سلمَان ونصارى الْحَبَشَة وأساقفة نَجْرَان

وَلَا تشك إِن كنت منصفا أَنهم كَانُوا أعلم بالكتب مِنْك وَأعرف برسل الله وعلاماتهم من عثرتك ولعلمهم بكتب الله وَمَا جَاءَ فِيهَا من عَلَامَات مُحَمَّد رَسُول لله لما جَاءَهُم مَا عرفُوا وحققوا آمنُوا وَصَدقُوا فَقَالُوا {رَبنَا آمنا بِمَا أنزلت وَاتَّبَعنَا الرَّسُول فاكتبنا مَعَ الشَّاهِدين}

ولجهلهم بكتب الله وبعلامات رَسُول الله لما جَاءَكُم الْحق كَفرْتُمْ بِهِ {فلعنة الله على الْكَافرين}

وَمن أعظم آيَاته وأوضح دلالاته مَا جرى لَهُ مَعَ قومه وَذَلِكَ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما جاهر قومه بتبليغ مَا أمره الله من الرسَالَة وصدع بأَمْره فسفه أحلامهم وَعَابَ آلِهَتهم وَبَين ليهم فَسَاد مَا هم عَلَيْهِ شقّ ذَلِك عَلَيْهِم وَأَجْمعُوا على خِلَافه وعداوته إِلَّا من عصم الله مِنْهُم بِالْإِسْلَامِ كَانُوا إِذا ذَاك قَلِيلا مستخفين فَأَرَادَتْ قُرَيْش قتل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقتل من مَعَه والوثوب عَلَيْهِم فحدب على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَمه أَبُو طَالب وَمنعه مِنْهُم لشرفه فِي قومه وعزته فَلم يقدروا أَن يصلوا إِلَيْهِ بِشَيْء مِمَّا أرادوه فَلَمَّا رَأَوْا أَنهم لَا يقدرُونَ أَن يصلوا إِلَى ضره لمنع عَمه لَهُ مِنْهُم اجْتَمعُوا وَقَالُوا لأبي طَالب إِن ابْن أَخِيك قد سبّ آلِهَتنَا وَعَابَ ديننَا وسفه أَحْلَامنَا وظل آبَاءَنَا فَأَما أَن تكفه عَنَّا وَإِمَّا أَن تخلى بَيْننَا وَبَينه فَإنَّك على مثل مَا نَحن عَلَيْهِ من خِلَافه فنكفيكه فَقَالَ لَهُم أَبُو طَالب قولا رَفِيقًا وردهم ردا جميلا

ثمَّ قَالَ لَهُ يَا ابْن أخي إِن قَوْمك قد جَاءُونِي فَقَالُوا لي كَذَا وَكَذَا للَّذي قَالُوا لَهُ فابق با ابْن أخي على وعَلى نَفسك وَلَا تحملنِي من الْأَمر مَا لَا أُطِيق فَلَمَّا سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَلِك القَوْل مِنْهُ ظن أَنه سيسلمه إِلَيْهِم وَأَنه قد ضعف عَن نصرته وَالْقِيَام مَعَه فَقَالَ لَهُ يَا عَم وَالله لَو وضعُوا الشَّمْس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015