مَعَ جده عبد المطلب وَكَانَ يوضع لعبد الْمطلب فرَاش فِي ظلّ الْكَعْبَة فَكَانَ بنوه يَجْلِسُونَ حول فرَاشه ذَلِك حَتَّى يخرج إِلَيْهِ لَا يجلس عَلَيْهِ أحد من بنيه إجلالا لَهُ قَالَ فَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْتِي وَهُوَ غُلَام جفر حَتَّى يجلس عَلَيْهِ فَيَأْخذهُ أَعْمَامه ليؤخروه عَنهُ فَيَقُول عبد المطلب إِذا رأى ذَلِك مِنْهُم دعوا ابْني فوَاللَّه أَن لَهُ لشأنا ثمَّ يجلسه مَعَه على الْفراش وَيمْسَح ظَهره بِيَدِهِ ويسره مَا يرَاهُ يصنع فَلَمَّا بلغ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَمَانِي سِنِين هلك عبد المطلب جده فَكَانَ مَعَ عَمه أبي طَالب فَكَانَ يحنو عَلَيْهِ ويحفظه فَبَيْنَمَا هُوَ عِنْده يَوْمًا إِذْ قدم مَكَّة رجل عائف من أَزْد شنُوءَة وَكَانَ ذَلِك الرجل إِذا قدم مَكَّة أَتَاهُ رجال قُرَيْش بغلمانهم ينظر إِلَيْهِم ويعتاف لَهُم ويتفرس وَكَانَ ماهرا فِي ذَلِك مَعْرُوفا بِهِ مجربا عَلَيْهِ الْإِصَابَة فِي ذَلِك
فَأَتَاهُ أَبُو طَالب بِهِ وَهُوَ غُلَام قَالَ فَنظر العائف إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ شغله عَنهُ شَيْء فَلَمَّا فرغ قَالَ أَيْن الْغُلَام على بِهِ فَلَمَّا رأى أَبُو طَالب حرصه عَلَيْهِ غيبه عَنهُ فَجعل يَقُول وَيْلكُمْ ردوا على الْغُلَام الَّذِي رَأَيْت آنِفا فوَاللَّه لَيَكُونن لَهُ شَأْن
ثمَّ إِن أَبَا طَالب خرج فِي ركب تَاجِرًا إِلَى الشَّام فَلَمَّا تهَيَّأ للرحيل ضبث بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فرق لَهُ أَبُو طَالب وَقَالَ وَالله لأخْرجَن بِهِ معي وَلَا يفارقني وَلَا أفارقه أبدا وَكَانَ يُحِبهُ حبا شَدِيدا فَخرج بِهِ مَعَه فَلَمَّا نزل الركب بصرى من أَرض الشَّام وَبهَا رَاهِب يُقَال لَهُ بخيرا فِي صومعة لَهُ وَكَانَ إِلَيْهِ علم النَّصْرَانِيَّة وَلم ينزل فِي تِلْكَ الصومعة مُنْذُ قطّ رَاهِب يصير إِلَيْهِ علم النَّصْرَانِيَّة لأجل كتاب فِيهَا فِيمَا يَزْعمُونَ يتوارثونه كَابِرًا عَن كَابر فَلَمَّا نزلُوا ذَلِك الْعَام ببحيرا وَكَانَ كثيرا مَا يَمرونَ بِهِ قبل ذَلِك فَلَا يعرض لَهُم وَلَا يكلمهم حَتَّى كَانَ ذَلِك الْعَام فَلَمَّا نزلُوا قَرِيبا من صومعته صنع لَهُم طَعَاما كثيرا