جهلك وَكَثْرَة تواقحك وَقلة فضلك ولأي شَيْء لم تذكر فِي نَسْله مَا قَالَ الله فِيهِ فِي كتاب التَّوْرَاة حَيْثُ قَالَ فِيهِ وَفِي نَسْله باركته وكثرته وأنميته جدا جدا يُولد لَهُ إثنى عشرَة عَظِيما وأجعله رَئِيسا عَظِيما لشعب عَظِيم فَأَنت يَا جَاهِل قد صغرت مَا عظم الله وذممت مَا مدح الله فحاق عَلَيْك لذَلِك غضب الله فبادر لانقاذ نَفسك قبل حُلُول رمسك وندمك على مَا فرط لَك فِي أمسك فها أَنا قد نَصَحْتُك ورسولنا يَقُول لَك قد أبلغتك
ثمَّ الَّذِي قَالَ فيهم قرآننا {الْأَعْرَاب أَشد كفرا ونفاقا} إِنَّمَا أَرَادَ بهم قوما مُعينين وَطَائِفَة مخصوصين من أَعْرَاب الْبَادِيَة أهل جفَاء وغلظة ردوا الْحق بعد ظُهُوره وعاندوه حِين وضوحه كَمَا فعل أشياعكم من قبل
ثمَّ لَا تظن أَن قَول الله تَعَالَى {الْأَعْرَاب أَشد كفرا ونفاقا} أَنه اراد مِنْكُم لأنكم أَشد النَّاس كفرا وَأعظم الْعُقَلَاء عنادا وَقد بَينا ذَلِك فِيمَا تقدم وَإِنَّمَا أَرَادَ الله لهَذَا الْمَعْنى وَهُوَ أعلم أَن أَعْرَاب الْبَادِيَة أَشد كفرا مِمَّن كفر من عرب الْحَاضِرَة فَلَا تدخلون أَنْتُم مَعَهم تَحت أفعل إِلَّا كَمَا يُقَال الْعَسَل أحلى من الْخلّ
ثمَّ إِن جَازَ ذمّ شعب أَو قَبيلَة لِأَن بَعضهم كفر أَو فسق فأشد النَّاس كفرا ونفاقا بَنو إِسْرَائِيل لكَوْنهم عبدُوا الْعجل والأصنام على مَا هُوَ الْمَعْرُوف من أَحْوَالهم فالكافرون من أجدادكم على الْحَقِيقَة أَشد الْكَافرين كفرا وأسوأهم طَريقَة
وَالسَّلَام على من اتبع الْهدى وآمن بشريعة الْمَسِيح حَقِيقَة الْإِيمَان نَحن والحمدلله أهل الْهِدَايَة وَالْهدى الْمُؤمنِينَ بشريعة الْمَسِيح الْمُصْطَفى الْمُحَقِّقُونَ أَنكُمْ لَسْتُم على شَيْء مِنْهَا بل على الضَّلَالَة والردى وَقد بَينا ذَلِك فِيمَا تقدم بالبراهين القاطعة
وَبعد هَذَا نعقبها بالدلالات الصادعة بحول الله وقوته وَقد نجز مَا أردنَا تتبعه على هَذَا السَّائِل الْجَاهِل بِدِينِهِ الغافل وَلَو ذكرنَا كل مَا فِيهِ من الْفساد لخرج الْكَلَام عَن الضَّبْط
وَبعد الْفَرَاغ مِنْهُ نتكلم على مَا وعدنا بِهِ من الْكَلَام فِي النبوات وَنَذْكُر مَا فِيهَا من المباحثات بعون الله وتوفيقه