وَحكى فِيهَا أَيْضا أَن دينة بنت يَعْقُوب خرجت لبَعض شَأْنهَا فَنظر إِلَيْهَا شخيم بن حمورا الزناتي فعشقها واحتملها فواقعها وافتضها ثمَّ أَن شخيم قَالَ لِأَبِيهِ حمورا اخْطُبْ لي هَذِه الْجَارِيَة لتَكون لي إمرأة فَبلغ ذَلِك يَعْقُوب وَأَنَّهُمْ قد نجسوا دينة إبنته فَصمت يَعْقُوب وأطرق حَتَّى أَتَاهُ بنوه فَلَمَّا بَلغهُمْ ذَلِك اغتموا وساءهم ذَلِك وَاشْتَدَّ عَلَيْهِم ذَلِك جدا لأَنهم ارتكبوا النَّجَاسَة فِي إِسْرَائِيل ثمَّ إِن بني يَعْقُوب عاقدوا شخيم وحمور أَبَاهُ وَقَومه أَنهم إِذا اختتنوا أنكحوه أختهم دينة فَإِنَّهُم قَالُوا لشخيم لَا نقدر أَن نزوج أُخْتنَا من رجل لَهُ غرلة وَلَكِن إِذا اختتنتم زوجناكم أُخْتنَا وبناتنا ونتزوج بناتكم
فَفعل الْقَوْم ذَلِك فَلَمَّا اشتدت بهم أوجاعهم تنَاول شَمْعُون ولاوى كل وَاحِد مِنْهُمَا حَرْبَة ودخلا على الْقرْيَة بَغْتَة فقتلا كل ذكر فِيهَا
وَمثل هَذَا كثير مِمَّا يخرج استقصاؤه إِلَى التَّطْوِيل
وَكَذَلِكَ حكوا فِيهَا أَيْضا من وَعِيد الله لبني إِسْرَائِيل بالفاحشة والقبيح مَالا يقبله ذُو عقل صَحِيح
مثل مَا حكوا أَن مُوسَى قَالَ لبني إِسْرَائِيل فِي الْوَصِيَّة الَّتِي وصاهم بهَا حَيْثُ قَالَ لَهُم إِن كفرت بِرَبِّك وحدت عَن سَبيله وعبدت الْآلهَة الْأَجْنَبِيَّة يَضْرِبك الرب بقرحة مصر وبالبواسير والجرب والحكة حَتَّى لَا تَسْتَطِيع الشِّفَاء تخْطب إمرأة وَرجل آخر يضطجع مَعهَا
وَهَذَا الْكَلَام تضمن أَن الله تَعَالَى توعد بني إِسْرَائِيل من عبد غير الله مِنْهُم بِثَلَاثَة أَنْوَاع من الْفَوَاحِش لَا يَنْبَغِي لذوى المروءات أَن يتلفظوا بهَا وَلَو أسقطوا مروءتهم فتلفظوا بهَا لما كَانَ يَنْبَغِي لَهُم أَن يتوعدوا بهَا وَلَا أَن ينفذوا ذَلِك الْوَعيد لفحشه ثمَّ إِنَّهُم يلْزمهُم على هَذَا أحد ثَلَاث أُمُور أَحدهَا أَن يكون هَذَا الْكَلَام بَاطِلا أَو كذبا على الله تَعَالَى عَن ذَلِك أَو يكون بني إِسْرَائِيل كل من أشرك مِنْهُم