فعندنا من جِهَتَيْنِ وعندكم من جِهَة وَاحِدَة إِحْدَى الْجِهَتَيْنِ عندنَا أَنهم كفرُوا بِمُحَمد نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد كَانَ الله تَعَالَى أَخذ عَلَيْهِم الْعَهْد بِالْإِيمَان بِهِ وبلغهم ذَلِك على لِسَان مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَغَيره من أَنْبِيَائهمْ عَلَيْهِم السَّلَام على مَا ننقله إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَكَذَلِكَ نقُول فِي الْمَسِيح عَلَيْهِ السَّلَام إِنَّهُم كفرُوا بِهِ بعد أَن أنكروه وَهَذِه هِيَ الْجِهَة الْأُخْرَى فهاتان جهتان وَأَنْتُم إِنَّمَا تكفرونهم من جِهَة وَاحِدَة وَهِي كفرهم بالمسيح فقد اتفقنا نَحن وَإِيَّاكُم على أَن الْيَهُود فِي هَذَا الْوَقْت لَيْسُوا على دين وَلَيْسوا بمنتسبين إِلَى شَيْء من دين مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَإِذا كَانَ الْأَمر كَذَلِك فَكيف جازفت فِي لفظك وَقلت على الْمُسلمين وَالنَّصَارَى مَا لَا يرضون بِهِ وَلَا يعولون عَلَيْهِ وَهل إطلاقك هَذَا إِلَّا نتيجة جهلك وَمِمَّا يدل على نقص عقلك
ثمَّ إِنَّك إدعيت أَن النَّصَارَى يَقُولُونَ إِن كِتَابهمْ نسخ شرع الْيَهُود وَكَيف يَصح لَك يَا جَاهِل بِدِينِهِ أَن تَقول هَذَا وَعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام يَقُول فِي الْإِنْجِيل الَّذِي بِأَيْدِيكُمْ لم آتٍ لأنقض شَرِيعَة من قبلي إِنَّمَا جِئْت لأتممها
فَأَما أَنْت هُوَ الْكَاذِب أَو كتابك هُوَ المحرف الْبَاطِل وسنبين إِن شَاءَ الله تَعَالَى مَا أحدث فِي الْإِنْجِيل والتوراة من المناقضة والتحريف مَا يدل على أَنَّهَا لَيست هِيَ الَّتِي أنزل الله
وَمن عَجِيب أَمرك وأدل دَلِيل على جهلك أَنَّك تَدعِي أَن كتابك نسخ شرع الْيَهُود وَأَنت بجهلك ترجع إِلَيْهِ فِي أحكامك وَهل هَذَا إِلَّا تنَاقض ظَاهر وَجَهل فَاحش
ثمَّ قلت فَإِذا كاشف الْمَجُوسِيّ الْيَهُودِيّ عَمَّا أدعياه أنكرهما وَقَالَ لم بأت بعد كتابي من الله كتاب يَا هَذَا لقد قولت الْيَهُود مَا لَا يُمكنهُم قَوْله وَلَا يسعهم جَهله فَإِن الْيَهُود يعترفون بِأَنَّهُ قد كَانَ بعد مُوسَى أَنْبيَاء كَثِيرُونَ جَاءُوا بصحف وقرأوا على النَّاس كتبا كَثِيرَة هِيَ بَين أَيْديهم وَأَيْدِيكُمْ الْيَوْم تقرأونها وتحكمون بهَا وَهَا أَنْت قد استدللت بِكَثِير مِنْهَا فِي كتابك هَذَا على إِثْبَات بنوة الْمَسِيح فَتلك الْكتب الَّتِي نقلت مِنْهَا إِمَّا أَن تكون من الله أَو لَا تكون فَإِن كَانَت