عريضة لتخدع بهَا قلبا ضَعِيفا ونفسا مَرِيضَة وَلَا بُد من سؤالك حَتَّى يتَبَيَّن حَقك من محالك فَأَقُول لَك مَا حد النّظر وَحَقِيقَته وَمَا أُصُوله وَكم أقسامه وَمَا أَحْكَامه وَمَا حَقِيقَة المناظرة وَمَا شُرُوطهَا وَكم هِيَ وَمَا الشَّيْء الَّذِي يطْلب بالمناظرة وَمَا حَقِيقَة الدَّلِيل وَكم أقسامه وَكم شُرُوطه وَمَا وَجه الدَّلِيل وَمَا الْمَدْلُول وَكم أقسامه فَإِن كنت تدعى المناظرة فأجبنا عَن هَذِه الأسئلة محاورة
ثمَّ قلت وَإِن الْجَمِيع يدعونَ أمرا لَا يقدرُونَ على التناصف فِيهِ لبعد غَايَته لتعلم يَا هَذَا أَن حكمك على الْجَمِيع بِأَنَّهُم لَا يقدرُونَ على التناصف حكم خطأ فَإِن الْعَاقِل المشتغل بِمَا يعنيه إِنَّمَا يطْلب الْحق ليصل إِلَيْهِ وَيعرف الْبَاطِل ليتجنبه وَمن كَانَت هَذِه حَاله أنصف وتناصف وَإِنَّمَا يمْتَنع التناصف على من غلب عَلَيْهِ التَّقْلِيد وجمد على مَا وَرثهُ من الْآبَاء والجدود وَهُوَ يصمم على أَنه على الْحق فيمنعه ذَلِك التصميم عَن الْبَحْث وَالنَّظَر ثمَّ إِن تنبه لنَوْع نظر كَانَ كَمَا قَالَ ... إِن الغصون إِذا قومتها اعتدلت
وَلنْ تلين إِذا قومتها الْخشب ...
فَهَذَا الَّذِي يتَعَذَّر عَلَيْهِ التناصف وتبعد عَلَيْهِ الْغَايَة الْمَطْلُوبَة وَمَا من نور الله قلبه وأجزل من المعقولات حَظه فالتناصف مرغوبه إِذْ الْحق مَطْلُوبه وَفِي مثل هَذَا ينشد ... بعيد على الكسلان أَو ذِي ملالة ... وَأما على المشتاق فَهُوَ قريب ...
فَإِن قلت مَا ذكرته أَنْت قَلِيل وَمَا ذكرته أَنا كثير قلت لَك ... وَمَا ضرنا أَنا قَلِيل وجارنا عَزِيز ... وحار الْأَكْثَرين ذليل
تعيرنا أَنا قَلِيل عديدنا ... فَقلت لَهَا إِن الْكِرَام قَلِيل ...
ثمَّ إِن وجد فِي جَمِيع الْخلق وَاحِد بِهَذِهِ الصّفة فقولك فَاسد فَإنَّك حكمت على الْجَمِيع بِحكم قَبِيح شنيع وأطلقت القَوْل وَلم تخف فِيهِ الزلل وَلَا الْعَوْل