وَهُوَ إِنَّمَا رأى شَيْئا وَاحِدًا بِالضَّرُورَةِ وَهُوَ الصُّورَة لقَوْل من يَقُول إِنَّه ظهر بالصورة

وَأَيْضًا فَلَو وَقع بصر من رأى عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام على ناسوته ولاهوته لما احتاجوا أَن يستدلوا على ألوهيته بإحياء الْمَوْتَى وَغير ذَلِك وَلما كَانَ يحْتَاج هُوَ أَن يدل على لاهوت نَفسه بِشَيْء من المعجزات وخوارق الْعَادَات إِذا كَانَ يدْرك مِنْهُ بالحس والعيان ذَلِك والمعلوم بالعيان لَا يطْلب تَحْصِيل علمه بِالدَّلِيلِ والبرهان

فَحصل من هَذَا أَن الصُّورَة الْمقدرَة لَا يظْهر فِيهَا الْبَارِي تَعَالَى وَإِن ظَهرت هِيَ فَإِن الرائى إِنَّمَا يَرَاهَا وَحدهَا وَهِي الظَّاهِرَة لَهُ وَأما الْبَارِي سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فَهُوَ بعد إِيجَاد هَذِه الصُّورَة على مَا كَانَ عَلَيْهِ قبل إيجادها لم تتبدل حَاله أعنى أَنه إِن كَانَ قبل إيجاده هَذِه الصُّورَة قَابلا لِأَن يظْهر فَهُوَ بعْدهَا قَابل لِأَن يظْهر وَإِن كَانَ مُمْتَنعا عَلَيْهِ أَن يظْهر قبلهَا امْتنع عَلَيْهِ ذَلِك بعْدهَا لِاسْتِحَالَة التَّغَيُّر عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَو تغير لَكَانَ مُحدثا

وَأما مَا ادَّعَاهُ من الْجَامِع فَلَا نسلم أَن الصَّوْت مظهر للإرادة إِلَّا بِمَعْنى أَنه يدل عَلَيْهَا لَا بِمَعْنى الإحتجاب والظهور كَمَا زعم وَإِذا لم نسلم هَذَا فِي الصَّوْت فَلَا يَصح لَهُ قِيَاس الصُّورَة على الصَّوْت وَلَو سلمنَا قِيَاس الصُّورَة على الصَّوْت من حَيْثُ الْجَامِع فَبِأَي دَلِيل يحمل أَحدهمَا على الآخر فَإِن وجود الْجَامِع لَا يدل على أَن حكم أَحدهمَا حكم الآخر إِذْ لَا يبعد فِي المتماثلات فِي بعض الصِّفَات اختلافها فِي بعض الْأَحْكَام على مَا يعرفهُ أَهله وَلَو سلمنَا وجود دَلِيل الْإِلْحَاق لَكَانَ قِيَاس جُزْء على جُزْء وَذَلِكَ غير مَقْبُول فِي العقليات على مَا يعرف فِي مَوْضِعه وعَلى مايقال مَعَ أَهله فَظهر من كَلَام هَذَا الرجل عِنْد الْعُقَلَاء أَنه غير متمسك بِدَلِيل عَقْلِي وسنبين أَنه لم يسْتَدلّ على صِحَة مذْهبه بِدَلِيل نقلى فَإِذا بَطل لَهُ الْمَعْقُول وَالْمَنْقُول ثَبت أَنه بالتحكم والهوى يَقُول وَذَلِكَ دأب كل غبي جهول

وَأما قَوْله فَالْوَاجِب عَلَيْهِم أَن يخاطبوا الصَّوْت بإسم الَّذِي الصَّوْت لَهُ وَكَذَلِكَ الصُّورَة يجب أَن تخاطب بإسم الَّذِي هِيَ لَهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015