وأما ما قالوه فيمن قال له: ما الإيمان إلى آخره؟ فاعترض بأن الصواب مخالفتهم فيه، لأن كثيراً من العوام جبلت فطرتهم على الإيمان ولا ينقدح لهم عبارة عنه، وقد قال الغزالي في كتابه التفرقة: ذهبت طائفة إلى تكفير عوام المسلمين لعدم معرفتهم أصول العقائد بأدلتها، وهو بعيد نقلاً وعقلاً، وليس للإيمان عبارة عما اصطلح عليه النظار، بل نور يقذفه الله تعالى في القلب لا يمكن التعبير عنه كما قال تعالى: (فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ) الأنعام/125. وقد حكم النبي صلى الله عليه وسلم بأنه من تكلم بلفظ التوحيد أجري عليه أحكام المسلمين، فثبت أن مأخذ التكفير من الشرع لا من العقل؛ لأن الحكم بإباحة الدم والخلود في النار شرعي لا عقلي خلافاً لما ظنه بعض الناس.

وبقي في الرافعي فروع أُخرى مما نقله عن الحنفية حذفها من الروضة؛ لأنها بالفارسية، وقد نقل القمولي تعريبها عن بعض فقهاء الأعاجم، فنذكر تعريبها معقبين كلا منها بما يقيده أو يضعفه أو يوضحه.

فمنها: لو قال: عمل الله في حقي كل خير وعمل الشر مني كفر، ونظر فيه الرافعي بقوله: (وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ) النساء/79. والنظر واضح حيث أطلق أو قصد أنه يخلق أفعال نفسه بالمعنى الذي تقوله المعتزلة، أما إن أراد استقلاله بالخلق، فلا شك في كفره.

ومنها: لو قال لزوجته: أنت ما تؤدين حق الجار. فقالت: لا. فقال: أنت ما تؤدين حق الله. فقالت: لا كفرت انتهى، والوجه خلافه إلا إن أرادت بذلك جحد سائر الواجبات.

ومنها: لو قال جواباً لمن قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أكل لحس أصابعه، هذا غير أدب، كفر، وقد يوجه بأن هذا إنكار لسنة لعق الأصابع ورغبة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015