الجهل بالله، إذ لا يصح من العالم بالله أن يعزم على الجهل به. يجاب عنه: بأن المراد بالكفر في هذا الباب ما أشعر بالجهل وإن كان قلب من صدر منه شيء مما ذكر، وما يأتي ممتلئاً إيماناً.
ألا ترى أن الاستهزاء أو الهزل كغيرهما وكذلك الفعل الآتي، فإن أراد أبو نصر أنه وإن عزم لا يكون كافراً فغير مُسَلَّمٍ له ذلك، بل لا وجه لكلامه حينئذ، وإن أراد أن حقيقة الكفر الذي هو الجهل لا يجامع حقيقة العلم فَمُسَلَّمٌ، لكن لا مدخل لذلك فيما نحن فيه، وفارق ذلك عزم العدل على مقارفَة كبيرة فإنه لا يفسق بأن نية الاستدامة على الإيمان شرط فيه بخلاف نية الاستدامة على العدالة فإنها ليست شرطاً فيها، وكأن وجه ذلك أن الإيمان: التصديق، وهو منتف مع العزم، والعدالة اجتناب الكبائر مع عدم غلبة المعاصي، والنية لا تنافي ذلك وهو ظاهر لا غبار عليه، ومن ثم قال البغوي: لو قال الكافر: آمنت بالله إن شاء الله لم يكن إيماناً؛ لأن الإيمان لا يتعلق بالشرط، ولو قال المسلم: كفرت إن شاء الله كفر في الحال. انتهى.
ونقل الإمام عن الأصوليين أن من نطق بكلمة الردة، وزعم أنه أضمر توريةً كفر ظاهراً وباطناً، وأقرهم على ذلك، فتأمله ينفعك في كثير من المسائل، وكأن معنى قصده التورية أنه اعتقد مدلول ذلك اللفظ، وقصد أن يورّي على السامع، وإلا فالحكم بالكفر باطناً فيه نظر، ولو حصل له وسوسة فتردد في الإيمان أو الصانع أو تعرض بقلبه لنقص أو سب وهو كاره لذلك كراهة شديدة ولم يقدر على دفعه لم يكن علية شيء ولا إثم، بل هو من الشيطان فيستعين بالله