صرح به من كفر الساب والشاك في كفره هو ما عليه أئمتنا وغيرهم كما علم مما مر، لكنه عندنا كالمرتد فيستتاب وجوبا فورا، فإن أصر قتل، ولو امرأة، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ) وإن أسلم صح إسلامه وترك كما قاله ابن عباس وغيره لقوله تعالى: (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ) الآية. التوبة/5. وقوله صلى الله عليه وسلم: (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يقولوا لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) الحديث, وقيل: لا تجب استتابة المرتد، لأنه مهدر الدم, وقيل: لا يقتل فورا إذا لم يتب، بل يمهل ثلاثة أيام لاحتمال شبهة عرضت له فيسعى في إزالتها.
والجواب عن أدلتهم المذكورة:
أما عن الأول والثاني فالآيتان ليس فيهما إلا كفر مؤذيه عليه الصلاة والسلام، وهذا محل وفاق،
أما كونه يقتل بعد التوبة والإسلام، فلا دلالة فيهما على ذلك أصلا، وعن الثالث والرابع وما شابههما مما ذكر فيهما وغيره أنه لا دليل لهم في ذلك أيضا لقيام الكفر بالمحكي عنهم مع الزيادة في العناد فيه, وقد أخبر صلى الله عليه وسلم أنه لا عصمة لأحد بعد دعواه إلى الإسلام إلا بالإسلام, فكل من المذكورين مهدر الدم؛ لأنه دعي إلى الإسلام ولم يسلم، فقتله لذلك، لا لمجرد سبه للنبي صلى الله عليه وسلم, ومن ثم ذكر صلى الله عليه وسلم لهم في قتل عقبة سببين: كفره وافتراءه عليه, ولقتل كعب سببين: إيذاءه الله وإيذاءه رسوله صلى الله عليه وسلم, وبعثِ علي والزبير لقتل