ثم قال: ويقتل الساحر المسلم الذي يركب المكنسة فتسير به في الهواء ونحوه ويكفر هو ومن يعتقد حله, وأما الذي يسحر بأدوية وتدخين وسقي شيء يضرّ فإنه يقتص منه إن قتل بفعله غالباً وإلا فالدية، ومشعبذ وقائل بزجر طير وضارب بحصى وشعير وقداح إن لم يعتقد إباحته وأنه لا يعلم به، يعزر ويكف عنه، ويحرم طلسم ورقية بغير عربي ويجوز الحل بسحر للضرورة انتهى.

وبقيت هنا فوائد لا بأس بذكرها وإن لم يكن لها كبير مناسبة فيما نحن فيه.

وهي أن الفخر الرازي رحمه الله تعالى قال في كتابه الملخص: السحر والعين لا يكونان في فاضل، لأن من شرط السحر الجزم بصدور الأثر، وكذلك أكثر الأعمال من شرطها الجزم، والفاضل الممتلئ علماً يرى وقوع ذلك من الممكنات التي يجوز أن توجد وأن لا توجد، فلا يصح له عمل أصلا.

وأما العين، فلا بدَّ فيها من شرط التعظيم للمرئي، والنفس الفاضلة لا تصل في تعظيم ما تراه إلى هذه الغاية، فلذلك لا يصح السحر إلا من العجائز والتركمان والسودان ونحو ذلك من أرباب النفوس الجاهلة، فيقال: السحر له حقيقة، وقد يموت المسحور أو يتغير طبعه قاله الشافعي وابن حنبل رضي الله تعالى عنهما، وقالت الحنفية: إن وصل إلى بدنه كالدخان ونحوه جاز أن يؤثر وإلا فلا.

وقالت القدرية: لا حقيقة للسحر وهذا لا يصح فإن ما لا حقيقة له لا يؤثر، وقد سحر النبيُّ صلى الله عليه وسلم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015