أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) يس/82. وما يعلمون معنى هذه الكلمة في كلام الله تعالى، ولا يعلمون ما معنى إعطائها إن صح أنها أعطيت، ومقتضى هذا الطلب الشركة في الملك، وهو كفر، والحلول كفر، أو أن يجعل بينه وبينه نسباً يشرف به على العالم؛ لأنه طلب استيلاء وهو كفر.
وما ذكره في هذه الأنواع صحيح لما مرَّ أن من شك في سلب صفات الله تعالى الذات عنها، أو أنه تعالى يحل في شيء أو يحل فيه شيء أو أن له ولداً أو أنه يلد أو يولد كفر، وسؤال شيء من ذلك إنما ينشأ عن تجويز وقوعه وهو كفر، لكن ما ذكره عن الصوفية فيه نظر؛ لأنه لا يلزم عليه نسبة النقص إليه تعالى فضلاً عن كونه مصرحاً بذلك، فالصواب فيه عدم الكفر.
ثم رأيت بعض أئمة مذهبه قال: قلت: إلزامه الكفر للصوفية من حيث قولهم: أعطي فلان كلمة "كن" غير صحيح، فإن هذا الكلام يصدق على من خرق الله تعالى له العادة مرة أو مرتين، بأن طلب من ربه شيئاً أوْهم بشيء فتصور مطلوبه على وفق مراده بغير تدريج، بل دفعة، وهذا القدر صحيح وجوده، ولا يلزم منه الشركة لله تعالى في الملك ولا بأكثر من ذلك انتهى وهو حسن.
قال القرافي: واعلم أن الجهل بما تؤدي إليه هذه الأدعية ليس عذراً عند الله تعالى، لأن القاعدة الشرعية دلت على أن كل جهل يمكن المكلف رفعه لا يكون حجة للجاهل على الله تعالى.
ثم قال: نعم، الجهل الذي لا يمكن المكلف رفعه بمقتضى العادة يكون عذراً، كما لو تزوّج أخته يظنها أجنبية، وأصل هذا الفساد الداخل على الإنسان في هذه الأدعية إنما هو الجهل، فاحذر منه واحرص على العلم فهو النجاة كما أن الجهل هو الضلال انتهى.