أو قال: إنه يرى الله تعالى عيانا في الدنيا ويكلمه شفاها، أو أن الله يحل في الصور الحسان، أو قال: إن الحق يطعمه ويسقيه، وأسقط عنه التمييز بين الحلال والحرام، وأنه يأكل من الغيب ويأخذ منه، أو قال: أنا الله أو هو أنا، أو قال: دع الصلاة والزكاة والصوم والقراءة وأعمال البر، الشأن في عمل الأسرار، أو قال: سماع الغناء من الدين وأنه أنفع للقلوب من القرآن، أو قال: العبد يصل إلى الله تعالى من غير طريق العبودية، أو قال: وصلت إلى رتبة تسقط عني التكليف، أو قال: الروح نور الله فإذا اتصل النور بالنور اتحد، كفر في جميع هذه المسائل.
بخلاف ما لو قال: وصلت إلى رتبة خلصت من رقية النفس وعتقت منها فإنه لا يكفر لكنه مبتدع مغرور، وكذا لو قال: أنا أعشق الله أو يعشقني، والعبارة الصحيحة: أحبه ويحبني، أو قال: يلهمني الله ما أحتاج إليه من أمر ديني، فلا أحتاج إلى العلم والعلماء، بل هو مبتدع كذاب، ومن أظهر السكر والوجد، ولا يستقيم ظاهره، ولا تتقيد جوارحه بالورع، فهو مغرور بعيد من الله تعالى، ومن تخلى واعتزل وترك الجماعات بلا عذر شرعي فمبتدع لا يقبل الله منه الزهد، ومن ادعى الكرامات لنفسه بلا غرض ديني فكاذب يلعب به الشيطان، ومن قال في غير الغلبات: ما بقي لسوى الحق فيّ موضع، فهو بعيد من الله تعالى مبتدع، انتهى حاصل ما في الأنوار.
والوجه كفر منكر المعوذتين إذا كان مخالطا للمسلمين؛ لأن ذلك لا يخفى على أحد منهم.
والذي يتجه أيضا كفر من أنكر سنة راتبة مجمعا عليها معلومة من الدين بالضرورة كما يدل له قوله: أو صلاة العيدين، لكن إنكار أحدهما كذلك، خلافا لما يوهمه قوله: السنن الراتبة، وقوله: العيدين، بل يكفي في الكفر إنكار سنة واحدة بالشروط المذكورة، وأن محل تكفير المستحل إيذاء الصحابة، ما لم يكن عن تأويل ولو خطأ، لأنه ظني، فله شبهة ما تمنع الكفر، وأنه لا يشترط في كفر من زعم أنه يرى الله عيانا في الدنيا ويكلمه شفاها اجتماع هذين،