الصراط والميزان ونحوهما مما تقول المعتزلة قبحهم الله تعالى بإنكاره، فإنه لا كفر به. إذ المذهب الصحيح أنهم وسائر المبتدعة لا يكفرون، وإنكار الجنة والنار الآن لا كفر به لأن المعتزلة ينكرونهما الآن، وأما إنكار وجودهما يوم القيامة فالكفر به ظاهر؛ لأنه تكذيب للنصوص المتواترة القطعية، وإنكار المصحف بمعنى القرآن كفر إجماعاً، بخلاف إنكار صحف الأعمال.
وما ذكره في إنكار اللوح والقلم ورؤية الله تعالى مطلقاً أو في الجنة فيه نظر، فإن المعتزلة قائلون بذلك ولم يكفروا به، وتشبيه الله تعالى بحادث أو وصفه بما يستلزم الجهة لا كفر به إلا إن اعتقد ثبوت لازم ذلك له تعالى من الحدوث ونحوه، وزعم أن الله تعالى لا يخلق فعل العبد لا كفر به أيضاً؛ لأنه مذهب المعتزلة نظير ما مرّ.
والشك في رسالة المرسلين صلوات الله وسلامه على نبينا وعليهم أجمعين، أو رسالة من علمت رسالته منهم ضرورة كفر بلا نزاع، بخلاف الشك في ثبوت وعده أو وعيده، فإن في إطلاق كونه كفراً نظراً لا إن جوز شرعاً دخول كافر الجنة أو تخليد مسلم مطيع في النار، ووصف محدث بما يستلزم قدمه، إنما يتضح كونه كفراً إن اعتقد ذلك اللازم، لما مر أن الأصح أن لازم المذهب ليس بمذهب، لأن القاتل بالملزوم قد لا يخطر له القول بلازمه.
وزعم أنه لا يضر المذنب ذنب أو أنه مخلد في النار لا كفر به؛ لأن الأول مذهب المرجئة، والثاني مذهب المعتزلة، وقد مرّ أنهم لا يكفرون.