الاستهزاء لما مر أن من سخر بحكم من أحكام الشريعة كفر، لا شك أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حكم شرعي، فمن قال فيه شيئاً من ذلك استهزاء أو سخرية كفر وإلا فلا، وإن قال ما يجب لأنه غير معلوم من الدين بالضرورة.
والذي يتجه أيضاً في: الحرام أحب إليّ أنه لا يكفر إلا إن أراد أنه يحب سائر أنواع الحرام دون سائر أنواع الحلال الصادق بالمباح والمندوب والواجب.
والوجه أنه لا يكفر أيضاً بـ: هات آكل الحلال أسجد له؛ لأن نفس السجود لإنسان آخر لا يكون كفراً مطلقاً، بل في بعض صوره كما صرّح به الأئمة، ومرَّ في ذلك مزيد بحث وتفصيل، فإذا كان هذا في السجود له بالفعل فما ظنك بالعزم عليه، على أن ذلك إنما يراد به الدلالة على استبعاد وجود شخص لا يأكل إلا الحلال الصرف، أو على تعظيمه فلا وجه لإطلاق الكفر به.
والوجه أيضاً أنه لا يكفر من قال: يجوز لي الحرام إلا إن نوى العموم أو الحرام المعلوم من الدين بالضرورة.
وأما مسألة التمني فتقدم الكلام فيها مستوفى.
ورجاء الثواب على الحرام إنما يتجه كونه كفراً إن أعتقد أنه يثاب على الحرام، من حيث كونه حراماً لأنه مكذب للنصوص حينئذٍ، بخلاف ما لو نوى أن الثواب من جهة أخرى غير جهة كونه حراماً فإن ذلك لا محذور فيه، إذ المحققون على أن الصلاة في الدار المغصوبة أو الثوب المغصوب أو الحرير أو نحو ذلك فيها الثواب وإن كانت حراماً لانفكاك الجهة.
وما ذكره في رجاء دعاء الفقير بعيد، بل لا وجه له فالصواب أنه لا يكفر به.
وكفر زاعم أنه لا نص في القرآن على تحريم الخمر ظاهر، لأنه مستلزم لتكذيب القرآن الناص في غير ما آية على تحريم الخمر.