مكذبًا للشرع، وليس مخالفة القواطع مأخذًا للتكفير، وإنما مأخذه مخالفة القواعد السمعية القطعية طريقًا ودلالة، وعبر بعض أصحاب الأصول عن هذا بما معناه: أن من أنكر طريق إثبات الشرع لم يكفر كمن أنكر الإِجماع، ومن أنكر الشرع بعد الاعتراف بطريقه كفر، لأنه مكذب له. وقد نقل عن بعض المتكلمين أنه قال: لا أكفر إلا من كفرني، وربما خفي سبب هذا اللفظ على بعض الناس، وحمله على غير محمل الصحيح، والذي ينبغي أن يحمل عليه أنه قد لمح هذا الحديث الذي يقتصي أن من دعا رجلًا بالكفر -وليس كذلك- رجع عليه الكفر، وكذلك قال -عليه الصلاة والسلام-: "من قال لأخيه: يا كافر فقد باء بها أحدهما" وكأن هذا المتكلم يقول: الحديث دل على أنه يحصل الكفر لأحد الشخصين: إما المكفِّر، وإما المكفَّر. فإذا كفّرني بعض الناس فالكفر واقع بأحدنا، وأنا قاطع بأني لست بكافر، فالكفر راجع إليه. هذا آخر كلام الشيخ، وهو من النفائس.
السابع: تحريم دعاء المسلم بالكفر وظاهر الحديث يقتضي أنه لا يكفر إلا بشرط أن لا يكون الكفر كما دعاه به، فيرجع ما دعاه به إليه، وبه صرح المتولي من الشافعية فقال: لو قال مسلم لمسلم: يا كافر، بلا تأويل، كفر، لأنه سمى الإِسلام كفرًا.
قلت: وفي صحيح ابن حبان (?) من حديث أبي سعيد أنه -عليه الصلاة والسلام- قال: "ما أكفر رجل رجلًا قط إلا باء أحدهما بها إن