وقال القرطبي (?): قوله في هذا الحديث: "إن الله حرم مكة ولم يحرمها"، يعني أنه حرمها ابتداء من غير سبب يعزي إلى أحد ولا [تقدمه] (?)، ولا لأحد فيه مدخل، لا نبي ولا عالم، ولا مجتهد، وأكد ذلك المعنى بقوله: "ولم يحرمها الناس"، لا يقال: فهذا يعارضه الحديث الآخر: "اللهم إن إبراهيم حرم مكة وإني حرمت المدينة"، لأنا نقول: إنما نسب الحكم هنا لإِبراهيم لأنه [بلّغ] (?)، وكذلك نسبته لنبينا -عليه الصلاة والسلام-. كما قد ينسب الحكم للقاضي لأنه منفذه، والحكم لله العلي الكبير بحكم الأصالة والحقيقة. وما أحسن ما ذكره وأعلاه، وبه يزول التعارض ولله الحمد.
[السادس والعشرون] (?): أيضاً ما أكرم الله به رسوله -عليه أفضل الصلاة والسلام- من تحليل القتال له بمكة ساعة من نهار، وأنه استمر تحريمها إلى يوم القيامة.
[السابع والعشرون] (?): فيه أيضاً أن الاعتصام إنما هو بالشرع وأتباعه وأن الأماكن الشريفة ونحوها من الأنساب والخلفاء لا تمنع من حق أوجبه الله تعالى ولا يعيذ من حدوده وعقابه.
...