المنوى بالقلب لزم أن يكون الإنسان عارفًا بالله قبل معرفته وهو محال؛ ولأن المعرفة وكذا الخوف والرجاء مستمرة لله تعالى
بصورتها، وكذا التسبيح وسائر الأذكار والأذان والتلاوة لا يحتاج شيء منها إلى نية التقرب به بل إلى مجرد القصد له، ولهذا لما كان الركوع والسجود في الصلاة غير ملتبس بغيرها لم تجب فيها ذكر، بخلاف القيام والقعود في التشهد فإن كلا منهما ملتبس بالعادة فوجب في القيام القراءة وفي القعود التشهد؛ ليتميز عن العادة، ثم اعلم أن الأعمال ثلاثة: بدني، وقلبي، ومركب منهما.
فالأول: كل عمل لا يشترط فيه النية كرد الغصوب والعواري والودائع والنفقات وإزالة النجاسات ونحو ذلك.
والثاني: كالاعتقادات والتوبة والحب في الله والبغض في الله، وما أشبه ذلك.
والثالث: كالوضوء والصلاة والحج وكل عبادة بدنية، فيشترط في حصولها النية قولًا كانت أو فعلًا كما سيأتي، وبعض الخلافيين يخصص العمل [بما] (?) لا يكون قولًا، وفيه نظر للشيخ تقي الدين؛ لأن القول عمل خارجي أيضًا أما الأفعال فقد استعملت مقابلة للأقوال ولا شك أن هذا الحديث يتناول الأقوال.
الثامن عشر: النيات: جمع نية بالتشديد والتخفيف، فمن شدد وهو المشهور كانت من نوى ينوي إذا قصد وأصله نِوْية قلبت الواو ياء ثم أدغمت في الياء بعدها لتقاربهما، وانقلاب الواو [إلى