ثامنها: قوله: "اللهم باعد بيني وبين خطاياي ... إلى آخره" [و] (?) المراد محو الخطايا وترك المؤاخذة بها أو المنع من وقوعها، والعصمة منها، وهذا منه - صلى الله عليه وسلم - على قصد التعليم أو إظهار العبودية، وإلَّا فقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، والثاني: أظهر إذ لو قصد التعليم لجهر به، ولا يبعد أن يكون ذلك دعاء لأمته - صلى الله عليه وسلم - وقال: القرطبي (?) في شرحه: هذا الدعاء منه - صلى الله عليه وسلم - على جهة المبالغة في طلب غفران الذنوب وتبرئته منها.
تاسعها: في قوله: "اللهم باعد ... إلى آخره"، مجازان:
الأول: استعمال المباعدة في ترك المؤاخذة، والمباعدة إنما تكون في الزمان أو المكان.
الثاني: استعمالها في الإِزالة الكلية مع أن أصلها لا يقتضي الزوال، وليس المراد البقاء مع البعد، ولا ما يطابقه من المجاز، بل المراد الإِزالة الكلية، ومثله قوله -تعالى-: {تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا} (?) والمراد التبري منه، وكذلك التشبيه بالمباعدة بين
المشرق والمغرب، فإن المراد منه ترك المؤاخذة.
عاشرها: قوله: "من الدنس" هو أيضًا مجاز عن زوال الذنوب وأثرها، ولا شك أن الدنس في الثوب يكون غير البياض، وطعم غير طيب، ورائحة كريهة. وجاء في رواية في صحيح مسلم: "من