ولم يزل ينسخ ويصنف ويُحَدِّثُ، ويفيد المسلمين، ويعبد الله حتى توفاه الله على ذلك.
وقد جمعت فضائله وسيرته، وممن أعدها: ضياء الدين، في جزئين، وذكر فيها أن الفقيه مكي بن عمر بن نعمة المصري جمع
فضائله أيضًا.
وهكذا قطع الفيافي وجاب الأمصار بحثًا عن العلم وجهادًا في سبيله.
وُلد المقدسي رحمه الله في خلافة المقتفي لأمر الله (محمد المستظهر باللهِ). وهو عبارة عن رمز للخلافة وليس بيده من أمور الدولة شيء، ويعتبر هذا التاريخ عمق ضعف الدولة العباسية، فقد انفرط عقد الخلافة العباسية وبدأتْ في الانحدار من أوج قوتها بعد موت المعتصم، وأن كان ابنه المتوكل جعفر أصلح ما أفسده جده المأمون وأخوه الواثق هارون من أمر العقيدة، فأمات بدعة القول بخلق القرآن، وهذا العمل أبرز حسناته، ومنذ ذلك الوقت والمسلمون يعانون من الضعف السياسي وشتات الأمر، وكان ظهور الدويلات والممالك الإِسلامية وبالًا على وحدة المسلمين وإضعافًا لقوتهم، فسادت الفوضى السياسية واندلعت الحروب بين المسلمين وأُضْرِمَت نار الهلاك، وكثر النهب والسلب، ووجد الإفرنج فرصة سانحة لضرب المسلمين في عقر دارهم، ونشطت الفرق الهدامة.
كما عاصر المقدسي رحمه الله خلافة المستنجد بالله ابن