العمرية، وقد عرفت تلك الناحية التي أسسوها بالصالحية فيما بعد نسبةَ إليهم، لأنهم كانوا من أهل العلم والصلاح، ومما زاد في تقوية نشأته الدينية والعلمية وجود نِدٍّ له يماثله في السن والطلب هو ابن خالته موفق الدين ابن قدامة صاحب "المغني"، حيث صاحبه في طلبه للعلم كما سيأتي في رحلته العلمية.
نشأ عبد الغني رحمه الله في بيت علم وتقى وصلاح، فاتجه إلى طلب العلم في سن مبكر فتتلمذ في صغره على عميده أسرته العلامة الفاضل الشيخ محمد بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو عمر والد صاحب "المغني"، ثم تتلمذ على شيوخ دمشق وعلمائها فأخذ عنهم الفقه وغيره من العلوم ومنهم: أبو المكارم بن هلال.
كانت له رحلات علمية جاب خلالها كثيرًا من البقاع، وسمع فيها بدمشق والإسكندرية وبيت المقدس ومصر وبغداد وحِرَّان والموصل وأصبهان وهَمَذان وغيرها، وسافر إلى بغداد مرتين الأولى سنة 561، ومصر مرتين، وكان ارتحاله إلى دمشق وهو صغير بعد سنة خمسين وخمسمائة فسمع بها من أبي هلال، وسلمان بن علي الرحبي وأبي عبد الله محمد بن حمزة القرشي، وغيرهم. ثم رحل إلى بغداد سنة إحدى وستين وخمسمائة مع ابن خالته الشيخ الموفق فأقاما ببغداد أربع سنين، وكان الموفق ميله إلى الفقه والحافظ عبد الغني ميله إلى الحديث، فنزلا على الشيخ عبد القادر الجيلاني،