وعن أبي حازم سلمة بن دينار: " السيئ الخلق: أشقى الناس به نفسه التي بين جنبيه، هي منه في بلاء، ثم زوجته، ثم ولده، حتى إنه ليدخل بيته وإنهم لفي سرور، فيسمعون صوته فينفرون عنه، فرقًا منه، حتى إن دابته تحيد مما يرميها بالحجارة، وإن كلبه ليراه فينزو على الجدار، حتى إن قطه ليفر منه " (?).
وقال تعالى: (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) [المائدة: 8].
قال شيخ الإسلام: " وهذه الآية نزلت بسبب بغضهم للكفار، وهو بغض مأمور به، فإذا كان البغض الذي أمر الله به قد نُهي صاحبه أن يظلم من أبغضه، فكيف في بغض مسلم بتأويل أو شبهة أو بهوى نفس؟! فهو أحق أن لا يُظلَمَ، بل يعدل عليه " (?) اهـ.
تتناول هذه " التذكِرة " مطلبين رئيسين:
أحدهما: حسن الخلق مع المسلم، ورعاية حرمته، وصيانة عرضه من كل ما يشينه وبخاصة الغيبة التي شاعت، وذاعت، وتساهل الناس فيها.
والثانى: الأدب مع العلماء الذين هم ورثة الأنبياء، وحفظ حرمتهم، ومعرفة قدرهم، والتنزه عن الوقيعة فيهم، والنيل من مراتبهم الرفيعة، وهذا هو المقصود بعينه من هذه " التذكرة "، فإن المطلب الأول تمهيد لهذا الثاني باعتبار أن العالم له حقوق المسلم عامة، ثم له حقوق أخرى خاصة، فإن الله سبحانه وتعالى رفع المؤمنين على من سواهم، ثم رفع أهل العلم على سائر المؤمنين، فقال: (يَرْفَعِ الله الَّذِينَ آمَنُوا مِنكمْ وَالَّذِينَ أوتُوا الْعِلْمَ