من قبل الشراب المسكر حتى أكدر عليه هذه الشهوات كلها ولا بد من أن يواقع بعضها ولو كان من أزهد الناس قال فما هذه الخياعيل إلى طرف قميصك قال: يا نبي الله ألوان صباغ النساء وزينتهن فلا يزال أحدهن تلون ثيابها حتى تأتي على ما يليق بها فهناك أهش الرجال إلى ما عليها من الزينة، قال فما هذا الجرس بيدك، قال يا نبي الله هذا معدن الطرب وجماعات أصوات المعازف من بين بربط وطنبور ومزامير وطبول ودفوف ونوح وغناء، فأن القوم يجتمعون على محفل شرب وعندهم بعض ما ذكرت من المعازف فلا يكادون يتنغمون في مجلس ويستدلون ويطربون فإذا رأيت ذلك منهم حركت هذا الجرس فيختلط هذا الصوت بمعازفهم فهناك يزيد استلذاذهم وطربهم ورقصهم فمنهم من إذا سمع هذا فيقرع أصابه ومنهم من يهز رأسه قال يا نبي الله أحرز بها رأسي هذه البيضة من كل نكبة، قال وما النكبة قال اللعنة، قال فما هذه الحديدة التي في قلبها، قال: يا نبي الله هي التي أقلب بها قلوب الصالحين، قال: بقيت حاجة، قال: سل، قال: ما بال خلقك وصورتك على كل ما أرى من القبح والتقليب والأفكار، قال يا نبي الله هذا بسبب أبيك آدم عليه السلام إني كنت من المكرمين ممن لم أرفع رأسي من سجدة واحدة أربعمائة ألف سنة فعصيت ربي في أمر سجودي لآدم أبيك فغضب الله عليَّ فلعنني فحولت من صورة الملائكة إلى صورة الشياطين ولم يكن في الملائكة أحسن صورة مني فصرت ممسوخاً منكوساً مقلوباً مقبوحاً هائلاً كريهاً كما ترى، قال فهل أريت صورتك هذه أحداً قط ومصايبك بهذه الصورة، قال لا وعزة ربي إن هذا الشيء ما نظر إليه آدمي قط ولقد أكرمتك بهذه دون الناس كلهم، قال فتمم إكرامك إياي بمسألتين أسألك عنهما إحداهما عامة والأخرى خاصة، قال لك ذلك يا نبي الله: فسل، قال: حدثني أي الأشياء أرجى عندك وأدعمه لظهرك وأسلاه لكآبتك وأمره لعينك وأشد لركنك وأفرحه لقلبك، قال يا نبي الله إني أخاف أن يخبر أحداً فيحفظون ذلك فيعتصمون به فيضيع كيدي، قال يحيى صلى الله عليه وسلم "إن الله أنزل في الكتب شأنك وكيدك وبيّن لأنبيائه ولأوليائه فاحترزوا بما احترزوا، وأما الغاوون فأنت أولى بهم قد تلعب بهم كالصولجة بالكرة فحدث فليس قولك عندهم أدعى وأعز من قول الله، قال يا نبي الله إن أرجى الأشياء عندي وأدعمه لظهري وأسلاه لكآبتي وأسره لأذني وأشده لرغبتي وأفرحه لقلبي وأقره لعيني النساء فإنهن حبائلي ومصائدي وسهمي الذي به لا أخطئ بهن لو لم يكن هن ما أطلقت إضلال آدمي، هن قرآت عيني بهن أظفر في المهالك يا حبذا هن إذ اختممت بسبب النسالك والعباد والعلماء وغلبوني بعد ما أرسلت إليهم الجيوش فانهزموا وبعد ما ركنت فقهرت النساء طاب نفسي وسكن غضبي واطمأنت كظمي واستشف غيظي وسدت نفسي وقرت عيني واشتد أزري ولولا هن من نسل آدم لسجدت لهن فهن سيداتي وعلى عنقي سكناهن وعلى نهماتهن ما اشتهت امرأة من حبالتي حاجة إلا كانت أسعى لرأسي دون رجلي في إسعاف حاجاتها لأنهن رجائي وظهري وعصمتي ومنيتي وثقتي وعوني قال: ما نفعل وفرحك من ضلالة الآدمي بأي شيء سلطت عليه، قال: خلق الله الأفراح والأحزان والحلال والحرام وخيرني فيهما يوم آدم عليه السلام فأخذت الشهوات والحرام والفحش والمناكير وصارت تلك نهمتي وهوائي، خير آدم عليه السلام فاختار الأحزان والعبادة والحلال وصار ذلك له نهمة ومنية وذاك منيتي وتهمته وهذا هوائي ونهمتي وشهوتي فذاك شيؤه وماله ومدائحه وهذا شيئي ومتاعي وبضاعتي ومالي وشيء المرأة نفسه لأن فيه نهمته وشهوته ونهمة المرأة وشهوتها حياته فإذا سلبت الحياة هلك وكم ترى من خلق الله من سلب منه نهمته فمات وهلك كذلك إن لما أخذت ما اخترت صار ذلك شهواتي وهوائي وحياتي ومهما سلبت هلكت ومهما ظفرت به فرحت وحيت فإذا رأيت شهوتي وهواي وحياتي عند غيري قد سلبها مني اجتهد كل الجهد حتى أظفر بها ليكون بها قوامي فهذا الآدمي سلب حياتي وهي الشهوة والهوى فجعلها في كنه وحرزة وقد تهيأ ليقتلني ويحاربني فهل يدمن المحاربة ليصل المحق إلى حقه ويقهر الظالم فهذه حالتي وشأني وسبب فرحي إذا غلبته قال وما ظلمك حيث تقول يقهر الظالم قال لقد ظلمني إذا سلب هوائي جعله في كنه ولولا ظلمه كيف لا أطلع أنا في خزنة وحلالي كما طمع هو في حزامي وهواي قال ليس بمحال أن تقول أنا أريد استرداد هواي