ولوقس بن لاقس أول من اتخذ المزامير، وذلك أنه مر يوماً بالهفاف، ومرة وهما يشربان ويطربان فسمع صوتاً لم يسمع بمثله قط فدنا فشرب شراباً لم يشرب مثله قط فطار حتى وقع إلى أرض بابل فمكث سنة متفكراً لبدع حتى سمع ليلة صوت ذبابة فتناول قصبة فثقبها ثم نفخ فيها.
وصهيب بن عازب وهو الذي اتخذ الصنج وذلك أنه وقع عند الهفاف فأحب أن يكون له شيء يذكر كما ذكر الهفاف وأصحابه فوقع في جزيرة في البحر فظل فيها دهراً ملتمساً بدعة حتى هاجت يوماً ريح عند الصيف ووقعت الريح في شجرة يابسة فصوتت فأعجبته فاتخذ صنجاً.
وأبو شكيم وهو الذي ابتدع الطبل وذلك أنه غطى يوماً ذيله على باطية هفاف فجعل هفاف يضرب يده عليها فصوت فجعل مكان الذيل جلداً.
فمن أصحاب المنازل والحرف شيطان يقال له القمام بن القشب وهو ساكن المزابل ينضح البول على الثياب، وشيطان يقال له الزفوف بن الغارب وهو على المطبخ يشغل النساء لتحترق الأخبزة فيغضب الأزواج وعلى القدور يملحونها، والبرباض بن دخران وهو على الأموال والكنوز، والرائب بن لمس وهو صاحب الحمام، والضحاك بن المقطب وهو على الزقاق والسكك والمربعات يرشد السكارى إلى بيوتهم، والقطوف بن الحبر وهو على مجالس الغيان والعزف والمرق وهما شيطانا العربدة، والحشود بن اللطف وهو الذي يجمع بين الغلمان والنساء، والتحيت بن المفتحم وهو الذي على الأسواق وهو الذي على حوانيت الخمور.
باب لما أراد الله أن يسكن الخلق الأرض خلق الجان من نار السموم وخلق زوبعة منه فغشيها فحملت إحدى وثلاثين بيضة فوضعت بيضة واحدة فتفلقت عن قطربة وهي أم القطارب فلما أطلعت رأسها قالت الجنة وهي زوجة الجان يا قطربة، قالت قطربة سميعاً دعوت، قالت الجنة احضني ولدي، قالت قطربة ما خلفت، فوضعت الجنة ثلاثين بيضة فحضنتها قطربة فتفلق منها عشر بيضات، فكان في البيضة الأولى الأبالسة منهم الحرث أبو مرة عدو آدم عليه السلام ونسله فسكنوا البحور، وتفلقت البيضة الثانية عن الوسواس فسكن الجزائر، وتفلقت البيضة الثالثة عن الغيلان فسكنوا الخرابة والفلوات، وتفلقت البيضة الرابعة عن السَّعالي فسكنوا الجبال والرمال، وتفلقت الخامسة عن الرهاوية فسكنوا الأدغال والآجام، وتفلقت السادسة عن الأراجيل فسكنوا العيون ومجامع الطرق، وتفلقت السابعة عن التهاويس فسكنوا الحمامات والمزابل والكنف، وتفلقت الثامنة عن الهوام فسكنوا الهواء وغيره، وتفلقت التاسعة عن الأرائي فسكنوا معارك الحروب والنواويس والقبور، وتفلقت العاشرة عن الدواجن فسكنوا الدور والقصور وخيام الأعراب، أما العشرون البواقي فإن قطربة حملتهن فطارت في الهواء حتى إذا كان بين مسقط عين الشمس ومطلع سهيل فلقت فسمت منهن خمساً، ثم قالت اعمروا وانتشروا واكثروا ومضت حتى إذا كان بين مطلع سهيل وبين مطلع قرن الشمس ففلقت وسمت منهن خمساً، وقالت لهنّ مثل ذلك ثم مضت حتى إذا كان بين مطلع قرن الشمس ومطلع بنات نعش فلقت فسمت خمساً وقالت لهن مثل ذلك ومضت حتى إذا كان بين مطلع بنات نعش وبين نعش فسمت خمساً، فقالت لهنّ مثل ذلك، ثم رجعت القطربة إلى الجنة فقالت ملأت البر والبحر ففلقت كل بيضة عن ألف توأم ذكر وأنثى، تحدثنا بذلك كله، فهذا كل عدو آدم وذريته فبث اللعين سراياه وشؤم أموره يدبر ويسوط حتى أنه ليبعث ألف سرية على رجل واحد من ولد آدم صلى الله عليه.