{ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِن بَعْدِ ذلِكَ} قال الزمخشري: (فإن قلت) : علام عطف ثم يتولون؟ (قلت) : على يحكمونك انتهى.
{بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَبِ اللَّهِ} الباء للسبب.
{وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَآ أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ} وقرأ نافع، وحمزة، وعاصم: بنصب، والعين وما بعدها من المعاطيف على التشريك في عمل أنّ النصب، وخبر أنّ هو المجرور، وخبر والجروح قصاص. وقدَّر أبو عليّ العامل في المجرور مأخوذ بالنفس إلى آخر المجرورات، وقدره الزمخشري أولاً: مأخوذة بالنفس مقتولة بها إذا قتلها بغير حق، وكذلك العين مفقوأة بالعين، والأنف مجدوع بالأنف، والأذن مأخوذة مقطوعة بالأذن، والن مقلوعة بالسن. وينبعغي أن يحمل قول الزمخشري: مقتولة ومفقوأة ومجدوع مقطوعة على أنه تفسير المعنى لا تفسير الإعراب، لأن المجرور إذا وقع خبراً لا بد أن يكون العامل فيه كوناً مطلقاً، لا كوناً مقيداً. والباء هنا باء المقابلة والمعاوضة، فقدر ما يقرب من الكون المطلق وهو مأخوذ. فإذا قلت: بعت الشاء شاة بدرهم، فالمعنى مأخوذ بدرهم، وكذلك الحر بالحر، والعبد بالعبد. التقدير: الحر مأخوذ بالحر، والعبد مأخوذ بالعبد. وكذلك هذا الثوب بهذا الدرهم معناه مأخوذ بهذا الدرهم. وقال الحوفي: بالنفس يتعلق بفعل محذوف تقديره: يجب، أو يستقر. وكذا العين بالعين وما بعدها مقدر الكون المطلق، والمعنى: يستقر قتلها بقتل النفس. وقرأ الكسائي: برفع والعين وما بعدها. وأجاز أبو عليّ في توجيه الرفع وجوهاً. الأول: أنّ الواو عاطفة جملة على جملة، كما تعطف مفرداً على مفرد، فيكون والعين بالعين جملة اسمية معطوفة على جملة فعلية وهي: وكتبنا، فلا تكون تلك الجمل مندرجة تحت كتبنا من حيث اللفظ، ولا من حيث التشريك في معنى الكتب، بل ذلك استئناف إيجاب وابتداء تشريع. الثاني: أنّ الواو عاطفة جملة على المعنى في قوله: إن النفس