والرازي حرف كلام سيبويه وأخذه حيث لا يتصور اختلاف نسبه وهو المبتدأ والخبر، فإنه ليس فيه إلا نسبة واحدة بخلاف الفاعل والمفعول، لأن المخاطب قد يكون له غرض في ذكر من صدر منه الضرب فيقدم الفاعل، أو في ذكر من حل به الضرب فيقدم المفعول، لأن نسبة الضرب مختلفة بالنظر إليهما. وأما الآية فهي من باب ما النسبة فيه لا تختلف، إنما هي الحكم على السارق بقطع يده. وما ذكره الرازي لا يتفرع على كلام سيبويه بوجه، والعجب من هذا الرجل وتجاسره على العوم حتى صنف في النحو كتاباً سماه المحرر، وسلك فيه طريقة غريبة بعيدة من مصطلح أهل النحو ومن مقاصدهم، وهو كتاب لطيف محتو على بعض أبواب العربية، وقد سمعت شيخنا أبا جعفر بن الزبير يذكر هذا التصنيف ويقول: إنه ليس جارينا على مصطلح القوم، وإنْ ما سلكه في ذلك من التخليط في العلوم، ومن غلب عليه فن ظهر فيما يتكلم به من غير ذلك الفن أو قريباً منه من هذا المعنى، ولما وقفت على هذا الكتاب بديار مصر رأيت ما كان الأستاذ أبو جعفر يذم من هذا الكتاب ويستزل عقل فخر الدين في كونه صنف في علم وليس من أهله. وكان أبو جعفر يقول: لكل علم حد ينتهي إليه، فإذا رأيت متكلماً في فن مّا ومزجه بغيره فاعلم أنّ إما أن يكون من تخليطه وتخبيط ذهنه، وإما أن يكون من قلة محصوله وقصوره في ذلك العلم، فتجده يستريح إلى غيره مما يعرفه.