{لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً للَّهِ وَلاَ الْمَلَئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ} وعطفوا على عيسى لأن من الكفار من يعبد الملائكة. وفي الكلام حذف التقدير: ولا الملائكة المقربون أن يكونوا عبيد الله، فإن ضمن عبداً معنى ملكاً لله لم يحتج إلى هذا التقدير، ويكون إذ ذاك ولا الملائكة من باب عطف المفردات، بخلاف ما إذا لحظ في عبد الوحدة. فإن قوله: ولا الملائكة يكون من باب عطف الجمل لاختلاف الخبر. وإن لحظ في قوله: ولا الملائكة معنى: ولا كل واحد من الملائكة، كان من عطف المفردات.

وقال الزمخشري: (فإن قلت) : علام عطف ولا الملائكة المقربون؟ (قلت) : إما أن يعطف على المسيح، أو على اسم يكون، أو على المستتر في عبداً لما فيه من معنى الوصف، لدلالته على معنى العبادة، وقولك: مررت برجل عبد أبوه، فالعطف على المسيح هو الظاهر لأداء غيره إلى ما فيه بعض انحراف عن الغرض، وهو أن المسيح لا يأنف أن يكون هو ولا من فوقه موصوفين بالعبودية، أو أن يعبد الله هو ومن فوقه انتهى. والانحراف عن الغرض الذي أشار إليه هو كون الاستنكاف يكون مختصاً بالمسيح، والمعنى القائم اشتراك الملائكة مع المسيح في انتفاء الاستنكاف عن العبودية، لأنه لا يلزم من استنكافه وحده أن يكون هو والملائكة عبيداً، أو أن يكون هو وهم يعبد ربه استنكافهم هم، فقد يرضى شخص أن يضرب هو وزيد عمراً ولا يرضى ذلك زيد ويظهر أيضاً مرحوجية الوجهين من جهة دخول لا، إذ لو أريد العطف على الضمير في يكون، أو على المستتر في عبداً. لم تدخل لا، بل كان يكون التركيب بدونها تقول: ما يريد زيد أن يكون هو وأبوه قائمين، وتقول: ما يريد زيد أن يصطلح هو وعمرو، فهذان ونحوهما ليسا من مظنات دخول لا، فإن وجد من لسان العرب دخول لا في نحو من هذا فهي زائدة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015