وقال الزمخشري: يعني ولكنهم يتبعون الظنّ، وهذا تفسير معنى لا تفسير إعراب. وقال ابن عطية: هو استثناء متصل، إذ الظنّ والعلم يضمهما أنهما من معتقدات اليقين. وقد يقول الظان على طريق التجوز: علمي في هذا الأمر أنه كذا، وهو يعني ظنه انتهى. وليس كما ذكر، لأنّ الظنّ ليس من معتقدات اليقين، لأنه ترجيح أحد الجائزين، وما كان ترجيحاً فهو ينافي اليقين، كما أن اليقين ينافي ترجيح أحد الجائزين. وعلى تقدير أنّ الظنّ والعلم يضمهما ما ذكر، فلا يكون أيضاً استثناء متصلاً، لأنه لم يستثني الظنّ من العلم. فليست التلاوة ما لهم به من علم إلا الظنّ، وإنما التلاوة إلا اتباع الظنّ، والاتباع للظنّ لا يضمنه والعلم جنس ما ذكر.
{وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً} وانتصاب يقيناً على أنه مصدر في موضع الحال من فاعل قتلوه أي: متيقنين أنه عيسى كما ادعوا ذلك في قولهم: إنا قتلنا المسيح قاله: السدي. أو نعت لمصدر محذوف أي: قتلاً يقيناً جوزه الزمخشري. وقال الحسن: وما قتلوه حقاً انتهى. فانتصابه على أنه مؤكد لمضمون الجملة المنفية كقولك: وما قتلوه حقاً أي: حق انتفاء قتله حقاً. وما حكي عن ابن الأنباري أنه في الكلام تقديماً وتأخيراً، وإن يقيناً منصوب برفعه الله إليه، والمعنى: بل رفعه الله إليه يقيناً، فلعله لا يصح عنه. وقد نص الخليل على أن ذلك خطأ، لأنه لا يعمل ما بعد بل في ما قبلها.