وقال قوم: تقديره: لكنّ من ظلم فهو يجهر بالسوء وهو ظالم في ذلك، فهي ثلاثة تقادير في هذا الاستثناء المنقطع: أحدها: راجع للجملة الأولى وهي لا يجب، كأنه قيل: لكن الظالم يحب الجهر بالسوء فهو يفعله، والثاني: راجع إلى فاعل الجهر أي: لا بحب الله أن يجهر أحد بالسوء، لكنَّ الظالم يجهر بالسوء. والثالث: راجع إلى متعلق الجهر الفضلة المحذوفة أي: أن يجهر أحدكم لأحد بالسوء، لكن من ظلم فاجهروا له بالسوء. قال ابن عطية: وإعراب من يحتمل في بعض هذه التأويلات النصب، ويحتمل الرفع على البدل من أحد المقدر انتهى. ويعني بأحد المقدر في المصدر إذ التقدير أن يجهر أحد، وما ذكره من جواز الرفع على البدل لا يصح، وذلك أن الاستثناء المنقطع على قسمين: قسم يسوغ فيه البدل وهو ما يمكن توجه العامل عليه نحو: ما في الدار أحد إلا حمار، فهذا فيه البدل في لغة تميم، والنصب على الاستثناء المنقطع في لغة الحجاز. وإنما جاز فيه البدل، لأنك لو قلت: ما في الدار إلا حمار صح المعنى. وقسم يتحتم فيه النصب على الاستثناء ولا يسوغ فيه البدل، وهو مالا يمكن توجه العامل عليه نحو: المال ما زاد إلا النقص. التقدير: لكن النقص حصل له، فهذا لا يمكن أن يتوجه زاد على النقص، لأنك لو قلت: ما زاد إلا النقص لم يصح المعنى، والآية من هذا القسم، لأنك لو قلت: لا يحب الله أن يجهر بالسوء إلا الظالم، فيفع أن يجهر لأنّ يعمل في الظالم لم يصح المعنى. وقال الزمخشري: ويجوز أن يكون من مرفوعاً كأنه قيل: لا يحب الجهر بالسوء إلا الظالم، على لغة من يقول: ما جاءني زيد إلا عمرو، بمعنى: ما جاءني إلا عمرو. ومنه {لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله} انتهى.